سؤال
رقم مرجعي: 133419 | الطهارة | 7 يناير، 2025
لماذا نغسل على القدمين ولا نمسح ؟ وهل يتعارض ذلك مع قوله تعالى: ((وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ))
لماذا نغسل على القدمين ولا نمسح ؟ مع انه جاءت الايه واضحه ومبينه لكيفيه وضوء القدمين وهي قال تعالى بسم الله الرحمن الرحيم ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ وَامْسَحُوا بِرُءُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَيْنِ ) سبحان البه وبحمده سبحان الله العظيم
إجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله:
في الآية قراءتان، فقد قَرَأَ نَافِع وَابْن عَامر وَالْكسَائِيّ وَحَفْص وَيَعْقُوب: (وَأَرْجُلَكُمْ) بِنصب اللَّام، وحكم الأرجل وفق هذه القراءة الغسل، كما الوجه، وذلك لأن الأرجل معطوفة على الْوُجُوه وَالْأَيْدِي والواجب في جميعها الغسل.
ثمّ إن الآية بيّت أن الحدّ في الغسل أن يكون إلى الكعبين والمرفقين ولو كان المقصود المسح لما احتيج إلى ذكر الكعبين، فدل على أنَّ ذكر الكعبين والمِرفقين يتوافق مع الغسل.
كما أن السنة بينت ان حكم الرجلين الغسل، ففي الحديث الذي أخرجه البخاري ومسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو، قَالَ: تَخَلَّفَ عَنَّا النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي سَفْرَةٍ سَافَرْنَاهَا فَأَدْرَكَنَا - وَقَدْ أَرْهَقَتْنَا الصَّلاَةُ - وَنَحْنُ نَتَوَضَّأُ، فَجَعَلْنَا نَمْسَحُ عَلَى أَرْجُلِنَا، فَنَادَى بِأَعْلَى صَوْتِهِ: «وَيْلٌ لِلْأَعْقَابِ مِنَ النَّارِ» مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلاَثًا.
وفي الصحيحين أيضا أن عُثْمَان بْنَ عَفَّان رضي الله عنه دَعَا بِوَضُوء، فَأَفْرَغَ عَلَى يَدَيْه مِنْ إِنَائِه، فَغَسَلَهُمَا ثَلاَث مَرَّات، ثُمَّ أَدْخَل يَمِينَه فِي الوَضُوء، ثُمَّ تَمَضْمَض وَاسْتَنْشَق وَاسْتَنْثَر، ثُمَّ غَسَل وَجْهَه ثَلاَثًا وَيَدَيْه إِلَى المِرْفَقَيْنِ ثَلاَثًا، ثُمَّ مَسَح بِرَأْسِه، ثُمَّ غَسَل كُلَّ رِجْلٍ ثَلاَثًا، ثُمَّ قَالَ: رَأَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَتَوَضَّأُ نَحْوَ وُضُوئِي هَذَا...
وفي صحيح مسلم: أَنَّ رَجُلًا تَوَضَّأَ فَتَرَكَ مَوْضِعَ ظُفُرٍ عَلَى قَدَمِهِ فَأَبْصَرَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: «ارْجِعْ فَأَحْسِنْ وُضُوءَكَ» فَرَجَعَ، ثُمَّ صَلَّى.
وقد روت كتب السنن أن عُمَر بْنُ الْخَطَّابِ رَضِي اللهُ عَنْهُ رأى رَجُلًا يَتَوَضَّأُ، فَبقِي فِي رِجلِه لُمْعَةٌ، فأمره بغسل ما ترك من قدمه.
وقرأ الباقون: (وَأَرْجُلِكُمْ) بجرها.
وقد حملت هذه القراءة على المسح للابس الخف، أو على الجبيرة ونحوه.
وفعل النبي صلى الله عليه وسلم هو الذي بيّن الحكم وفق القراءتين، وهذا من باب إعجاز القرآن الكريم في إيجازه، ذلك أن اختلاف الحركة بينت حكمين مختلفين في حالين منفصلين، فقراءة النصب توجب الغسل، وقراءة الخفض توجب المسح للابس الخف.
والله أعلم