دعم الموقع - تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 144046 | المعاملات المالية المعاصرة | 26 مايو، 2019

ما حكم التعويض عن حوادث السير؟

حصل حادث سير لابني ولم يتاذى والحمد لله .. شركة التامين تريد دفع مبلغ من المال كتعويض او ما شابه. ما الحكم الشرعي في ذلك؟؟؟

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فقد درس مجلس الإفتاء الأعلى حكم التعويض عن حوادث السير وخرج بالقرار رقم 2/104     الموافق 18/4/2013 الجامع الآتي: (( حكم أخذ التعويض من شركات التأمين عن حوادث السير :

السؤال: ما حكم أخذ التعويض الذي تدفعه شركات التأمين لذوي المتوفى في الحوادث؟ وفي حالة جواز أخذه، فهل يحتسب بدلاً عن الدية أو جزءاً منها؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين  والصلاة والسلام  على سيدنا محمد الأمين وعلى آله وصحبه أجمعين،  وبعد:

        فللوصول إلى الحكم الشرعي في المسألة المشار إليها أعلاه، ينبغي الحديث أولاً عن مفهوم التعويض عن الضرر، وذلك على النحو الآتي:

1- الضرر: هو كل نقص يدخل على الأعيان، وهو ضد النفع ( الفيومي: المصباح المنير، 2/492) وقد عرّف فقهاء الشريعة الضرر بأنه: كل أذى يلحق الشخص، سواء كان في جسمه، أم ماله، أم عرضه، (د. زكي زيدان: حق المجني عليه في التعويض عن الضرر والنفس، ص 53)، وتعمّد إحداث الضرر محظور شرعاً بكل أشكاله، لقوله صلى الله عليه وسلم: ( لا ضرر ولا ضرار) ( سنن ابن ماجة، كتاب الأحكام، لا ضرر ولا ضرار)، حتى أصبح هذا الحديث قاعدة فقهية، تحكم كل أنواع الضرر، ( الندوي: علي أحمد، القواعد الفقهية، صر 45)

2- التعويض: لم يستخدم الفقهاء هذا المصطلح وإنما عرف عندهم ما يسمى بالضمان، وهو أشمل معنى من التعويض، فمعنى التعويض: أخذ البدل عن المتلف أو الهالك: وعرفته الموسوعة الفقهية الكويتية بأنه: ما وجب من بدل مالي بسبب إلحاق الضرر بالغير، أما الضمان فيشمل البدل عن إلحاق الأذى بالأنفس، أو الأموال، أو الأشخاص، أو العقود. (د. محمد فوزي فيض الله، نظرية الضمان في القه الإسلامي، ص 41)

ويشترط للتعويض عن الضرر مالية المتلف في نظر الشريعة، فلا ضمان في الخمر أو الخنزير، بمعنى أن يكون المال المتلف متقوماً، يباح الانتفاع به شرعاً.

3- التعويض عن النفس وما دونها:

أوجب الشرع الإسلامي عقوبات مختلفة عند الاعتداء على النفس أو ما دونها، منها القصاص والديات، فالقصاص يكون في النفس، أو الأطراف كالعين والأنف والأذن السن، والجروح.

وأما الديات، فتكون من باب العقوبة والتعويض المالي، في حال كون الجناية خطأ أو شبه عمد، فتكون مخففة في الخطأ ومغلظة في شبه العمد، وهي في النفس مائة من الإبل، أو قيمتها من النقد.

وفي حال الجناية على الأطراف فالدية الواجبة تختلف باختلاف العضو المبتور، فإن كان ليس له نظير، كاللسان والأنف، ففيه دية كاملة، إن كان له نظير واحد، كالعين والأذن، ففيه نصف دية، وإن كان فيه أكثر من نظير، فالدية بمقدار ذلك، فالأصبع مثلاً فيه عشر الدية، والسن نصف عشر الدية، وهذا ما يسمى بالأروش.

وأما الشجاع والجراح، فالواجب فيها حكومة، وهو ما يتم تقويمه وتقديره من القاضي بعد الاستعانة بالخبراء، مع الأخذ بعين الاعتبار أن بعض الشجاع مقدّر ديته من الشارع، فالموضحة فيها خمس من الإبل، والمأمومة فيها ثلث الدية.

4- التعويض عن الضرر الناجم عن حوادث السيارات: هناك تعويضات مالية غير ما ذكرنا، تدفع لمعالجة الأضرار الناجمة عن حوادث السيارات، منها:

- علاج المصابين.

-إصلاح أضرار السيارة.

- التعويض عن العطل والضرر.  

فما ينتج عن حوادث السيارات من أضرار بدنية، أو مادية، يجب جبرها والتعويض عنها، كما سلف بيانه في مفهوم الضرر والتعويض، وأما التعويض عن العطل والضرر، فهناك خلاف بين الفقهاء في مدى جواز تعويض المصاب عن عطله، بسب الإصابة، بين مانع ومجيز، وأصل الخلاف مبني على مدى مالية المنافع، فعند الحنفية لا تعتبر المنافع أموالاً، بخلاف الجمهور ومع هذا، فقد ذهب كثير من الفقهاء إلى منع تعويض المصاب عن عطله بسبب الإصابة، ولعل العلة في ذلك عند المانعين هي أن الشرع أوجب له تعويضاً في ذمة الجاني، يقدر بمقدار الإصابة، فيكون العطل داخلاً في هذا التعويض.

5- من يتحمل التعويض عن الجناية؟

- الجاني: الأصل أن يكون الذي يتحمل المسؤولية الجنائية المباشرة لها، لقوله تعالى: } وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى { ( الأنعام: 164) وقوله تعالى: } .... كُلُّ امْرِئٍ بِمَا كَسَبَ رَهِينٌ  {( الطور: 21) ، ولقوله صلى الله عليه وسلم: (( .. لَا يَجْنِي جَانٍ إِلَّا عَلَى نَفْسِهِ..  )) ( سنن الترمذي، كتاب الفتن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، باب ما جاء دماؤكم وأموالكم عليكم حرام).

وتقع المسؤولية على الجاني، في حال جناية العمد، أو شبه العمد عند بعضهم.

- العاقلة: وهم أقرباء الجاني من جهة أبيه، على رأي جمهور الفقهاء، من المالكية والشافعية والحنابلة، وهم يعقلون عن الجاني، ويتحملون التعويض المالي في حال جناية الخطأ، أو شبه العمد، وعند عدم وجود العاقلة، فالتعويض يكون من بيت مال المسلمين ( الدولة).

6- دور شركات التأمين في التعويض عن الجنايات:

شركات التأمين نوعان، تجارية وتعاونية، فشركات التأمين التجارية، اختلف العلماء المعاصرون في مشروعيتها فأكثرهم على تحريمها، كما ذهب إلى هذا المجمع الفقهي الإسلامي في دورته العاشرة، وكذا هيئة كبار العلماء، لما يحويه عقد التأمين التجاري من غرر وربا، وجهالة واحتمال، بينما ذهب بعض الفقهاء المعاصرين إلى جوازه، منهم الشيخ مصطفى الزرقا، وعدوه من باب التعاون  في ترميم الأضرار، وأن الأصل في الأشياء الإباحة كما قاسوه على عقد الموالاة.

والأرجح تحريم التأمين التجاري الربوي باستثناء تأمين السيارات؛ لأن التأمين عليها إجباري يجب القيام به بقوة السلطان.

وأما شركات التأمين الإسلامية، فذهب العلماء المعاصرون إلى جواز التعامل معها، لأنها تقوم على مبدأ التعاون والتناصر والتكافر، ومن حرم التعامل مع شركات التأمين التجارية، لم يجوز أن تقوم مقام العاقلة في التكافل المالي، لأن فكرة شركات التأمين التجارية تقوم على المعاوضة والربح المالي، وفكرة العاقلة تقوم على النصرة والتكافل، وأما من أجاز التعامل معها، فأجاز حلولها مقام العاقلة في مسألة التأمين.

أما التأمين الإسلامي فلا مانع أن يحل محل العاقلة، لأن فكرته تتفق مع فكرة العاقلة، في النصرة، والتعاون، وجبر الأضرار الناجمة عن الجنايات والحوادث، وإلى هذا ذهب بعض علماء مؤتمر المجمع الفقهي الإسلامي ، في دورته الثامنة المنعقدة في الفترة من 1 -7 محرم، سنة 1414هـ، الموافق 21 - 27 حزيران 1993م،.

وعلى هذا، فلا مانع من الوجهة الشرعية، أن تقوم شركات التأمين مقام العواقل في تحمل الديات، سواء كانت شركات إسلامية تعاونية، أم تجارية بشرط: أن لا يقل مبلغ التأمين عن مقدار الدية الشرعية، وفي حال نقصانه، يتم استكمال الباقي من الجاني أو عاقلته، أو الصلح عليه، فالصلح على مقدار الدية جائز، وكذا الإبراء منه في حال العفو. ( انظر: محمد خير إبراهيم درادكه: دفع الدية من قبل شركات التأمين المعاصرة) ))

 

هذا وبالله التوفيق

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة

أوقات الصلاة

التوقيت المحلي GMT+3، وبالاعتماد على توقيت رابطة العالم الاسلامي.

الفجر

الظهر

العصر

المغرب

العشاء