سؤال
رقم مرجعي: 158137 | الميراث و الوصايا والوقف والأحوال الشخصية | 20 أكتوبر، 2022
حكم تخصيص قطع أراض للأولاد الذكور دون الإناث.
نحن 6اولاد و3بنات وابي كان يشتري قطع اراضي ويذكر أسماء.بعض الاولاد .وعمرهم الايتجاوز 10 سنوات مثلا((اشتراء عصام حسين صالح الناشف له ولاولاده احمد وعبدالله.)) نرجو منكم افتائنا..كيف يتم تقسيم الاراضي التي ذكر ة أسماء إخوتي فيها .هل تقسم لذكر مثل حظ الانثيين او ..تقسم بين الاب واولاده المذكورين في البصائر..
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن العلماء منعوا تخصيص بعض الأملاك لبعض الأولاد دون بعض، ومنهم من نص على كراهة ذلك، وقالوا يحرم إذا أدى إلى الكراهية والبغضاء بين الأولاد، ومنهم من حرم مطلقا، وهو الصحيح من أقوالهم وعليه الفتوى، واعتبروا ذلك البيع أو المنح للأولاد مخالفا للشريعة و باطلا، وقد جاء في قرار مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين:
قرار 3 / 77
تقسيم التركة حال الحياة
(( السؤال: هل يجوز تقسيم التركة على شكل بيع صوري، من قبل صاحب الملك، تحسباً من حصول خلافات مستقبلية بين الورثة؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فإن البيع الصوري أو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي بيع التلجئة أو بيع المواضعة هو: أن يتفق طرفا العقد على أنما يتكلمان بلفظ البيع عند الناس، ولا يريدانه، وهو عقد فاسد لا يترتب عليه أثر، ولا ينقل الملكية، ويبقى المبيع على مللك البائع، ويورث عنه شرعاً عند موته، ولا يجوز لأحد المتعاقدين التمسك به، وتسجيل العقد الصوري والتصرف بعده بالبيع أو الهبة أو الوقف .... تصرف غير صحيح شرعاً.
مع الإشارة إلى الفرق بين البيع الصوري في المفهوم الفقهي، وما تعارفه الناس في بلادنا، من إطلاق البيع الصوري على البيع الحقيقي المستوفي لشروطه وأركانه المتضمن لحيازة المشتري للمبيع، ولكن مع تنازل البائع عن حقه في الثمن، فهذا تصرف صحيح يكيف على أنه هبة.
أما بيع الأب لأبنائه في حياته بيعاً صورياً - بالمعنى الفقهي لا العرفي - خشية اختلافهم وتنازعهم في الميراث بعد موته لا يترتب عليه أثر شرعي لكونه عقداً فاسداً، ويبقى ملك البائع على المعقود عليه، وهو المبيع ... وبالتالي فإن الواجب هو توزيع التركة حسب الأصول الشرعية.
ولمالك المال حرية التصرف في ماله بيعاً وهبةً ووقفاً .... حال حياته، ولكن ليس بيعاً صورياً، لفساد هذا البيع، ولما سيثير النزاع والشقاق بين الورثة والمشتري ( المعقود له بيعاً صورياً ) أو بين الورثة أنفسهم، خاصة إذا كان ذلك البيع بقصد الإضرار ببعض الورثة المحتملين مثل حرمان البنات، أو الزوجة، أو أحد الأبناء بعد موت المالك.
وللمالك أن يهب ماله لأبنائه في حياته، بحيث ينتقل ذلك المال إليهم، ولهم حرية التصرف فيه حال حياة والدهم الواهب. بشرط عدم الإضرار بأحدهم، أو محاباة بعضهم دون الآخرين، لأن ذلك ظلم محرم شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم، في قصة النعمان بن بشير (( إني لا أشهد على جور )). ( رواه البخاري، كتاب الهبة، باب لا يشهد على شهادة جور .... )
وللأب تقسم ماله بين أبنائه، ولذلك صورتان:
الأولى: تقسيم بعض ماله بين أبنائه، وهذه عطية - هبة - يراعى فيها التساوي لا فرق بين ذكر وأنثى، فلا يقع الظلم، لما ورد عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: (( إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فأرجعه )). ( صحيح مسلم، كتاب الهبات، باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة)
الثانية: أن يقسم كل ما يملك، وللفقهاء رأيان:
الأول: أن يقسم المال على أساس الهبة/ العطية/ النحلة، ويجب عليه العدل بين جميع أبنائه ذكرواً وإناثاً، وأن يسوي بينهم في العطية، ولا يحابي الذكور على حساب الإناث، أو يعطي بعض الأبناء أكثر من الآخرين، أو يحرم بعضهم من ذلك، لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: (( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم )). ( رواه البخاري، في كتاب الهبة، باب الإشهاد على الهبة )
الثاني: أن يقسم المال على أساس الميراث الشرعي، فيعطي كلاً منهم نصيبه في الميراث، ومن مات منهم انتقل نصيبه إلى ورثته.
ويرى مجلس الإفتاء الأعلى جواز تقسيم الوالد حال حياته، وتمام إدراكه جمعي أمواله على أولاده - ورثته في حال موته - مراعياً كون ذلك التقسيم حسب الأنصبة الشرعية، وأن لا يكون في إضرار بالغير، كالدائنين، وأن يكون تصرفاً حقيقياً يتضمن نقل الحيازة من الوالد لأولئك الأولاد، وفي هذه الحالة، فإن تسجيل تلك الأموال بأسماء الأولاد تحت مسمى البيع يجوز، ويعد بيعاً تاماً ونافذاً طالما أعقبه حيازة الأبناء لتلك الأموال، وكونه بيعاً بدون ثمن لا يبطله، بل يعتبر من باب الهبة بالنظر إلى المقصد من العقد.
وننصح السائل وغيره من الآباء أن لا يقسموا أموالهم كلها في حياتهم، خشية أن يتخلى عنهم أبناؤهم ويتنكروا لهم، مما يجعلهم في ضيق، ومسألة الناس، علاوة على ذلك فإن الأب قد يحتاج إلى المال للزواج، مما قد يترتب عليه الإنجاب وفي هذه الحالة سيحرم الأبناء الجدد من ميراث أبيهم، مما يورث العداوة بين الإخوة ، فسداً للذريعة، ودرءاً للمفسدة؛ ننصح الآباء بعدم تقسيم أموالهم كلها في حياتهم، في زماننا هذا الذي ازداد فيه الناس بعداً عن منهج الله سبحانه وتعالى.))
هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل