سؤال
رقم مرجعي: 233264 | قضايا الأسرة و الزواج | 13 أكتوبر، 2018
ما حكم الشرع في التبني؟
ما حكم الشرع في التبني؟
إجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛ فإن التبني: أن ينسُبَ الإنسانُ إلى نفسه من ليس ولدًا له، لا هو من صلبه، ولم تلده زوجته على فراشه، فينسُبه إلى نفسه، ويعطيه اسمه ولقبه، ويصبح واحدًا من أفراد العائلة. وهذا أمر ينافي الحقيقة، ولذلك حرمه الإسلام بقوله سبحانه وتعالى في سورة [الأحزاب:4-5]: "مَا جَعَلَ اللَّهُ لِرَجُلٍ مِنْ قَلْبَيْنِ فِي جَوْفِهِ وَمَا جَعَلَ أَزْوَاجَكُمُ اللَّائِي تُظَاهِرُونَ مِنْهُنَّ أُمَّهَاتِكُمْ وَمَا جَعَلَ أَدْعِيَاءَكُمْ أَبْنَاءَكُمْ ذَلِكُمْ قَوْلُكُمْ بِأَفْوَاهِكُمْ وَاللَّهُ يَقُولُ الْحَقَّ وَهُوَ يَهْدِي السَّبِيلَ * ادْعُوهُمْ لِآبَائِهِمْ هُوَ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ فَإِنْ لَمْ تَعْلَمُوا آبَاءَهُمْ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ وَمَوَالِيكُمْ وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُمْ بِهِ وَلَكِنْ مَا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا".
ويترتب على النسب بالتبني إشكالات تتعلق بالنظام الاجتماعي الإسلامي من حيث علاقات التحريم والحقوق المالية، فالشخص المتبنى وفق منظومة النسب يصبح واحدًا من الأسرة، يطَّلِع على زوجة المتبني، ويعدها أمه، وهي ليست أمه، ويطلِّع على عورتها، وتطلع هي عليه، وتختلي به، ويختلي بها، ويسبب حرجًا شرعيًا على موقفه من بنات المتبني حيث يعدهن أخواته، وهن في الحقيقة أجنبيات عنه، وكذلك الحال بالنسبة لأخواته وأخوات زوجته، فهو يعدهن عماته وخالاته، وهن لسن كذلك. وإذا نظرنا إلى موضوع الميراث فإن الشخص المتبنى سيرث من الشخص المتبني على اعتبار أنه ابنه، وهو ليس ابنه، وعلاقته الإرثية ستؤثر على ميراث الورثة الآخرين كالأب والأم والزوجة والزوج والإخوة والأخوات .. من حيث الحرمان أو نقصان النصيب الإرثي وفق المقادير الشرعية، وهذا اعتداء على الحقوق الشرعية المالية بقصد وبغير قصد.
وأما إذا تعلق الأمر برعاية اللقطاء أو الأطفال المولودين خارج الرابطة الزوجية والقيام باستلحاقهم بأسر تتكفَّل بتربيتهم ورعايتهم حتى يُنَشَّأوا نشأة أسرية وفق التعاليم والأحكام الإسلامية دون نسبتهم إلى هذه الأسر نسبة حقيقية بالمفهوم الشرعي للنسب؛ فإن هذا من الأمور المطلوبة شرعًا، حيث قرَّر الفقهاء أن الْتِقَاطَ هؤلاء واجب وجوبًا عينيًا إن وُجِدَ اللقيط في مكان يَغْلُبُ على الظنِّ هلاكه فيه لو تُرِكَ، وإلا كان مندوبًا، ويكون الْتِقَاطُه حينئذٍ واجبًا وجوبًا كفائيًا على المجتمع كلِّه؛ لقوله تعالى: "وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى"، ولأنَّ في تركه تعريضًا لنفس بريئة لا ذنب لها للضياع والهلاك، وهذا من باب الظلم الذي حَرَّمَه الله، ونهى عنه عباده، والله تعالى أعلم.