سؤال
رقم مرجعي: 291351 | الطهارة | 12 يونيو، 2019
ما الفرق بين حكم الحيض والاستحاضة؟
السلام عليكم، انا فتاة عزباء بعمر ٢٥ اعاني من حالة تكيس المبيض والتي تسبب اضطراب في الدورة الشهرية، كتبت لي الطبيبة دواء يعمل على تنظيم الدورة بتأخيرها حتى تأتي في ايام محددة غير تلك التي كنت معتادة عليها. اخذت الدواء الذي من المفترض ان يوقف نزول الدم و لكن مع ذلك استمر نزول الدم في موعد الدورة القديم. هل هذا يعتبر حيض ام استحاضة؟ علما ان الافرازات مستمرة طوال اليوم ولونها احمر قاتم. مع الشكر الجزيل لحضرتكم
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فالدم المتجدد بعد انقطاع العادة وانتهاء مدتها فيه حالات، فنقول: إن الأصل في الدم الخارج من رحم المرأة من غير ولادة أنه دم حيض حتى يتبين خلاف ذلك فيكون دم استحاضة، والمرأة إذا عاودها الدم بعد انقطاعه وانتهاء عادتها المعلومة فهذا الدم قد يعتبر حيضاً في بعض الحالات وقد يعتبر استحاضة فيعتبر حيضاً في حالين:
الأولى: أن لا يكون مجموع الأيام من أول الحيضة السابقة إلى آخر يوم من الدم المتجدد مع أيام النقاء بينهما أكثر من خمسة عشر يوماً، فهذا حيض لكن اشترط الحنابلة أن يتكرر ذلك في ثلاث دورات، لأن العادة لا تكون عادة حتى تتكرر وخالفهم الشافعية فقالوا: العادة تثبت بمرة.. وعليه فهذا حيض عندهم من المرة الأولى، ثم اختلفوا بعد ذلك هل أيام الدم هي أيام الحيض فقط فيلفق الدم المتجدد مع الدم السابق ويعتبران حيضة واحدة وهذا مذهب الحنابلة، أم كل الأيام حيض بما في ذلك أيام النقاء وهذا مذهب الشافعية، ولا حرج في العمل بأحد المذهبين.
ومثال ذلك إذا كانت عادة المرأة ستة أيام وانقطع عنها الدم سبعة أيام ثم عاودها ليوم واحد، فمجموع الأيام من أول الدم الأول إلى آخر يوم من الدم المتجدد أربعة عشر يوماً فيعتبر الدم الثاني حيضاً واحدا مع الدم الأول لأن مسافة الطهر بينهما أقل من أقل الطهر، ومجموع الأيام بين طرفيهما لم يتجاوز أكثر الحيض (خمسة عشر يوماً).
الثانية: أن يعتبر الدم الثاني حيضة مستقلة بأن تكون مسافة الطهر بين الدمين خمسة عشر يوماً فأكثر بشرط أن يكون كل من الدمين (أي الحيضة السابقة والدم المتجدد) يصلح أن يكون حيضة مستقلة بأن يكون يوماً وليلة فأكثر.
ومثاله: أن تحيض امرأة سبعة أيام ثم تطهر خمسة عشر يوماً ثم يأتيها الدم لمدة يوم وليلة فالدم الثاني يعتبر حيضاً مستقلاً لأنه جاء بعد أقل مدة الطهر (خمسة عشر يوماً عند الجمهور) ويصلح بنفسه أن يكون حيضاً لأنه يوم وليلة وهذا أقل الحيض.
وأما متى يعتبر الدم المتجدد استحاضة فيعتبر استحاضة إذا كان المدة بين أول الدم الأول وآخر الدم الثاني تزيد على خمسة عشر يوماً (وهي أكثر مدة الحيض) وكانت مسافة الطهر بينهما أقل من خمسة عشر يوماً (وهي أقل مدة الطهر).
ومثاله: إذا حاضت سبعة أيام -وكانت هي عادتها- ثم طهرت ثلاثة أيام ثم عاودها الدم سبعة أيام أخرى، فهذا الدم الثاني يعتبر دم استحاضة كله (وحتى لو تكرر ثلاثاً) ولا يمكن جعله حيضاً لأن المدة بين أول الحيض الأول وآخر الدم الثاني سبعة عشر يوماً (أكثر من خمسة عشر يوماً وهي أكثر الحيض) كما أن مسافة الطهر بينهما أقل من خمسة عشر يوماً (وهي أقل الطهر بين الحيضتين).. جاء في الشرح الكبير: ... فإن رأته بعد العادة ولم يمكن أن يكون حيضاً لعبوره أكثر الحيض وأنه ليس بينه وبين الدم الأول أقل الطهر فهو استحاضة سواء تكرر أو لا لأنه لا يمكن جعل جميعه حيضاً فكان كله استحاضة لأن إلحاق بعضه ببعض أولى من إلحاقه بغيره. انتهى.
وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية حفظه الله؛ تقول السائلة: مدة الدورة الشهرية لدي ستة أيام، ولكن بعد الحمل والإجهاض وعمليات زراعة، أصبح ينزل بعد الدم الأحمر إفرازات لونها بني ويستمر نزولها مدة أسبوعين، وسألت كثيراً عن هذا الموضوع دون فائدة، فأصبحت بعد عشرة أيام من الدورة أغتسل وأصلي، فما حكم ذلك؟ وهل الجماع في هذه الفترة حرام؟
فأجاب: (( الأصل ألا تستعجل المرأة الحائض أو النفساء في الحكم على طهارتها إلا بعد أن ينقطع عنها الدم تماماً وترى الجفاف، أو ترى علامة الطهر، وهي القصة البيضاء، فقد ورد عن عائشة، رضي الله عنها: «وَكُنَّ نِسَاءٌ يَبْعَثْنَ إِلَى عَائِشَةَ بِالدُّرَجَةِ فِيهَا الْكُرْسُفُ فِيهِ الصُّفْرَةُ، فَتَقُولُ: لَا تَعْجَلْنَ حَتَّى تَرَيْنَ الْقَصَّةَ الْبَيْضَاءَ، تُرِيدُ بِذَلِكَ الطُّهْرَ مِنْ الْحَيْضَةِ» [صحيح البخاري معلقاً، كتاب الحيض، باب إقبال المحيض وإدباره] والمقصود بالكرسف، هو القطن الذي تضعه المرأة في محل خروج دم الحيض والنفاس.
وعليه؛ فينبغي للسائلة الانتظار حتى ينقطع عنها الدم تماماً، أو حتى ترى القصة البيضاء، ثم تغتسل وتصلي، ولكن في حال استمر نزول الدم بعد الحد الأعلى لفترة الحيض، والذي قدره بعض العلماء بخمسة عشر يوماً، فيعد دم استحاضة، تغتسل المرأة حينها وتصوم وتصلي، ولكن تتوضأ عند دخول وقت كل صلاة مفروضة، كما أنه يجوز الجماع في فترة الاستحاضة على مذهب الجمهور، فعن ابْنُ عَبَّاسٍ، رضي الله عنهما، قال: «تَغْتَسِلُ وَتُصَلِّي وَلَوْ سَاعَةً، وَيَأْتِيهَا زَوْجُهَا إِذَا صَلَّتْ، الصَّلاَةُ أَعْظَمُ» [صحيح البخاري، كتاب الحيض، باب إذا رأت المستحاضة الطهر]، ومعنى الحديث أنه إذا جاز لها أن تصلي فقد جاز وطؤها من باب أولى؛ لأن أمر الصلاة أعظم، والله تعالى أعلم.))
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل