سؤال
رقم مرجعي: 369376 | الصلاة | 4 يوليو، 2020
ما حكم صلاة التسابيح؟
يقع خلاف كبير بين الناس في حكم صلاة التسابيح، فهل تنصحون في أدائها سواء في رمضان أو في غيره، وما هو طبيعة هذا الخلاف الفقهي؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:
فبالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، لقد اختلف الفقهاء، رحمهم الله تعالى، في صلاة التسابيح، فذهب بعض الشافعية إلى استحبابها؛ وذهب بعض الحنابلة إلى جواز أدائها، فيما ذهب آخرون إلى عدم شرعيتها، ودليل مشروعيتها حديث ابن عَبَّاسٍ، رضي الله عنه، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ، صلى الله عليه وسلم، قال لِلْعَبَّاسِ بن عبد الْمُطَّلِبِ: يا عَبَّاسُ! يا عَمَّاهُ! ألا أُعْطِيكَ، ألا أَمْنَحُكَ، ألا أَحْبُوكَ، ألا أَفْعَلُ بِكَ عَشْرَ خِصَالٍ؛ إذا أنت فَعَلْتَ ذلك، غَفَرَ الله لك ذَنْبَكَ، أَوَّلَهُ وَآخِرَهُ، قَدِيمَهُ وَحَدِيثَهُ، خَطَأَهُ وَعَمْدَهُ، صَغِيرَهُ وَكَبِيرَهُ، سِرَّهُ وَعَلانِيَتَهُ، عَشْرَ خِصَالٍ؛ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ؛ تَقْرَأُ في كل رَكْعَةٍ فَاتِحَةَ الْكِتَابِ وَسُورَةً، فإذا فَرَغْتَ من الْقِرَاءَةِ في أَوَّلِ رَكْعَةٍ، وَأَنْتَ قَائِمٌ، قُلْتَ: سُبْحَانَ اللَّهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ، ولا إِلَهَ إلا الله، وَاللَّهُ أَكْبَرُ، خَمْسَ عَشْرَةَ مَرَّةً، ثُمَّ تَرْكَعُ، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ رَاكِعٌ عَشْراً، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ من الرُّكُوعِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَهْوِي سَاجِدًا، فَتَقُولُهَا وَأَنْتَ سَاجِدٌ عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ من السُّجُودِ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَسْجُدُ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، ثُمَّ تَرْفَعُ رَأْسَكَ، فَتَقُولُهَا عَشْرًا، فَذَلِكَ خَمْسٌ وَسَبْعُونَ في كل رَكْعَةٍ، تَفْعَلُ ذلك في أَرْبَعِ رَكَعَاتٍ؛ إن اسْتَطَعْتَ أَنْ تُصَلِّيَهَا في كل يَوْمٍ مَرَّةً فَافْعَلْ، فَإِنْ لم تَفْعَلْ فَفِي كل جُمُعَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لم تَفْعَلْ فَفِي كل شَهْرٍ مَرَّةً، فَإِنْ لم تَفْعَلْ فَفِي كل سَنَةٍ مَرَّةً، فَإِنْ لم تَفْعَلْ فَفِي عُمُرِكَ مَرَّةً» [سنن أبي داود، كتاب التطوع، باب صلاة التسبيح، وصححه الألباني].
وقد اختلف الحفاظ في الحكم على هذا الحديث، فمنهم من صححه، ومنهم من ضعفه، ومن الذين صححوه: الدار قطني، والخطيب البغدادي، والحافظ ابن حجر، والألباني، وغيرهم، وممن ضعف الحديث: ابن الجوزي، وسراج الدين القزويني، وشيخ الإسلام ابن تيمية، والإمام أحمد، وغيرهم؛ أما الذين ذهبوا لعدم استحبابها؛ وذلك لأن فيها تغييراً لهيئة الصلاة المعروفة؛ فينبغي أن لا تفعل، وطعنوا في صحة أحاديثها، وقالوا: الأصل في العبادات التوقيف، ولم يُنقل عن النبي، صلى الله عليه وسلم، أنه فعلها، وقالوا: إن هذا يخالف الأصول؛ فلا يجوز أن تثبت بمثل هذا الحديث.
ولهذا يتبين أن آراء العلماء تضاربت في صحة حديث هذه الصلاة كما ذكر أعلاه، وبناء عليه فيجوز لمن ترّجح لديه صحة الحديث أن يصليها، ولا ضير لمن لم يترّجح لديه ذلك أن يتركها، ولا ينبغي أن يقع الخلاف بين المسلمين لأجلها، فالنوافل المتفق عليها كثيرة.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل