سؤال
رقم مرجعي: 441777 | قضايا الأسرة و الزواج | 4 ديسمبر، 2019
ما حكم تزويج الأب ابنه؟
هل من واجب الأب الشرعي ان يزوج ابنه الذي لا يعمل وليس له دخل أو مرتب للإنفاق علي نفسه وزوجته؟ بالرغم من أن الأب قد أنفق على تعليم هذا الابن ولكن بسبب البطالة المتفشية لم يجد عمل
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن للأبناء حقوقا متعددة على والديهم، وهم أمانة في أعناقهم، وحقوق الأبناء على آبائهم كثيرة أهمها حسن اختيار أمهاتهم ورضاعتهم واحتضانهم وتسميتهم الاسم الحسن وحسن تربيتهم والإنفاق عليهم في مطعهمهم ومشربهم وملبسهم وتعليمهم وعلاجهم. وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية ما حق الأبناء على والديهم؟
فأجاب: (( إن الأبناء أمانة في عنق الآباء، وسوف يسألون عنهم يوم القيامة، والواجب على الآباء توجيه الأبناء نحو طريق الخير، وإرشادهم إلى الصحبة الصالحة، وتعليمهم القرآن والسنة وسيرة الصحابة الكرام، قال تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ ﴾ [التحريم :6]، وقال، صلى الله عليه وسلم: «أكرموا أولادكم، وأحسنوا أدبهم» [سنن ابن ماجه، كتاب الأدب، باب بر الوالد والإحسان إلى البنات]، وقد جاء في الأثر" أن رجلا ًجاء إلى عمر بن الخطاب، رضي الله عنه، يشكو إليه عقوق ابنه، فأحضر عمر الولد، وأنبه على عقوقه لأبيه، ونسيانه لحقوقه، فقال الولد: يا أمير المؤمنين، أليس للولد حقوقٌ على أبيه؟ قال: بلى، قال: فما هي يا أمير المؤمنين؟ قال عمر: أن ينتقي أمَّه، ويحسن اسمـه، ويعلمه الكتاب، أي القرآن، قال الولد: يا أمير المؤمنين، إن أبي لم يفعل شيئاً من ذلك، أمّا أمي فإنها زنجية كانت لمجوسي، وقد سماني جُعَلاً، أي خنفساء، ولم يعلمني من الكتاب حرفاً واحــداً، فالتفت عمر إلى الرجل، وقال له: جئت إليّ تشكو عقوق ابنك وقد عققته قبل أن يعقـــك، وأسأت إليه قبل أن يسيءإليك؟!! " [ موسوعة الدفاع عن رسول الله، صلى الله عليه وسلم: 4/184] .
وأولى الناس بالتربية هم أبناء المربي وأهل بيته، فهو مسؤول عنهم مسؤولية مباشرة لقوله، صلى الله عليه وسلم:« ... وَالرَّجُلُ رَاعٍ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْهُمْ ... »[ صحيح مسلم، كتاب الإمارة، باب فضيلة الإمام العادل، وعقوبة الجائر والحث على الرفق بالرعية...] .))
وأما بخصوص تزويج الأبناء فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن الآباء غير ملزمين شرعًا بتزويج أبنائهم، قال النووي في روضة الطالبين: لا يلزم الأب إعفاف الابن. انتهى. وذهب الحنابلة إلى وجوب ذلك على الآباء، إذا كانت نفقة الولد واجبة عليه، قال في الإنصاف: يجب على الرجل إعفاف من وجبت نفقته عليه، من الآباء، والأجداد، والأبناء، وغيرهم ممن تجب عليه نفقتهم. وهذا الصحيح من المذهب، وهو من مفردات المذهب. انتهى. وعندهم أن نفقة الأولاد الكبار واجبة، كالصغار، ولو كانوا أقوياء أصحاء؛ لكن بشرط كونهم فقراء، وفضل عن قوته، وقوت زوجته ما ينفق به عليهم. ولعل الصحيح قول الجمهور لما جاء في الحديث الصحيح عَنْ عَبْدِاللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه قَالَ: لَنَا رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: يَا مَعْشَرَ الشَّبَابِ، مَنِ اسْتَطَاعَ مِنْكُمُ الْبَاءَةَ فَلْيَتَزَوَّجْ، فَإِنَّهُ أَغَضُّ لِلْبَصَرِ، وَأَحْصَنُ لِلْفَرْجِ، وَمَنْ لَمْ يَسْتَطِعْ فَعَلَيْهِ بِالصَّوْمِ؛ فَإِنَّهُ لَهُ وِجَاءٌ. مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. . والله أعلم .
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل