ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 454953 | العلاقة مع غير المسلمين | 20 مايو، 2018

حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس ودور العبادة

ما حكم تصميم المهندس المسلم لمباني النصارى كالكنائس وغيرها علماً بأن هذا هو جزء من عمله في الشركة الموظفة له، وفي حالة امتناعه قد يتعرض للفصل من العمل؟

إجابة

 

 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فقد صدر عن مجلس الإفتاء الأعلى القرار الآتي:

          لقد أوجب الإسلام القسط مع أهل الكتاب رغم أنهم يخالفوننا في الـدين، ودعـا إلى بـرهم والإحسان إليهم طالما أنهم غير محاربين، فقال سبحانه وتعالى :{ لاَ يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَـنِ الَّـذِينَ لَـمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ أَن تَبَرُّوَهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَـيْهِمْ إِنَّ اللَّـهَ يُحِـبُّ المُقْسِطِينَ، إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُم مِّن دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَن تَوَلَّوْهُمْ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ } (سورة الممتحنة :8-9 )، وحث الإسـلام على مجادلتهم بالتي هي أحسن، قال تعالى: { وَلاَ تُجَادِلُوا أَهْلَ الكِتَابِ إِلاَّ بِالَّتِي هِيَ أَحْـسَنُ إِلاَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ وَقُولُوا آمَنَّا بِالَّذِي أُنزِلَ إِلَيْنَا وَأُنزِلَ إِلَيْكُمْ وَإِلَهُنَا وَإِلَهُكُمْ وَاحِدٌ وَنَحْـنُ لَـهُ مُسْلِمُونَ } ( سورة العنكبوت: 46(

ومن أوجه البر بأهل الكتاب حمايتهم، والدفاع عنهم، وتحريم ظلمهم أو الانتقاص من حقوقهم ما داموا أهل ذمة لدى المسلمين، قال عليه الصلاة والسلام : " من ظلم معاهداً أو انتقصه حقـاً أو كلفه فوق طاقته أو أخذ منه شيئاً بغير طيب نفس منه فأنا حجيجه يوم القيامـة " (سـنن أبي داود، كتاب الخراج والإمارة، والفيء، باب فِي تَعْشِيرِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إِذَا اخْتَلَفُوا بِالتِّجَارَاتِ ، وحسنه الألباني )

أما عن عمل المسلم في أماكن عبادة أهل الكتاب فقد أجازه بعض الحنفية، وذهب إلى جـوازه أيضاً بعض العلماء المعاصرين، مثل الشيخ يوسف القرضاوي.

وذهب جمهور العلماء إلى عدم جواز عمل المسلم في أماكن عبادة أهل الكتاب لا تـصميماً ولا إنشاءً ولا تعميراً ولا تزييناً ولا تشطيباً؛ لأنه عمل يخالف عقيدة المسلم التي تحرم عليه الإعانـة على فعل ما فيه إثم ومعصية، لقول الله تعالى :{ وَتَعَاوَنُوا عَلَى البِرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُوا عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ العِقَابِ } (سورة المائدة:2 ) . ولا شك أن معابد أهل الكتاب تقام فيها شعائر شركية .

ولأنه لا ضرورة لقيام المسلم بعمارتها، إذ يستطيع أهل كل ملة عمارة معابدهم بأنفسهم ؛ ولأن عمارتها عقد إجارة على منفعة محرمة، وعلى هذا اتفق السلف من الصحابة والتابعين، وهو قول جمهور العلماء .

وهذا لا ينافي بر أهل الكتاب والإحسان إليهم في كل شأن ليس فيه إقرار لعقائـدهم أو إعانـة على دينهم وشعائرهم، ويكون هذا البر بهم باعتبار صفتهم الإنسانية، قال تعالى { وَلَقَدْ كَرَّمْنَـا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي البَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّـنْ خَلَقْنَـا تَفْضِيلاً } (سورة الإسراء:70 )، أما صفتهم الدينية وعقائدهم الشركية، فلا يجوز إقرارهم عليها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة.

ويرجح مجلس الإفتاء الأعلى رأي جمهور العلماء، فيحرم على المسلم أن يعمل في بناء الكنائس وصيانتها وترميمها.

والله تعالى أعلم

 

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة