سؤال
رقم مرجعي: 502086 | المساجد | 8 يونيو، 2023
حكم الصلاة في المسجد الإبراهيمي.
ما حكم الصلاة في الحرم الإبراهيمي وقد ورد عن النبي ﷺ: "لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد" متفق على صحته . وقد روى مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي قال: سمعت رسول الله ﷺ قبل أن يموت بخمس يقول: "إن الله قد اتخذني خليلا كما اتخذ إبراهيم خليلا ولو كنت متخذا من أمتي خليلا لاتخذت أبا بكر خليلا ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم و صالحيهم مساجد ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك" ؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن المحرم من اتخاذ القبور مساجد، الصلاة إلى القبور بقصد تعظيمها، أو قصد الصلاة في الأماكن التي فيها قبور، على اعتقاد أن ذلك أكثر في الأجر أو الفضل والقربة، وأما إذا خلت الصلاة من هذه المقاصد، فإنها لا تحرم عند أكثر العلماء، ولا تكون باطلة، وإن كانت مكروهة، بسبب عموم النهي، وخوف الإفضاء للشرك.
وقد جاء في فتوى لسماحة المفتي العام الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله تعالى، عن حكم الصلاة في مساجد بلدتنا التي بنيت فوق قبور مندثرة، حيث وُجدت عظامٌ لموتى عند بنائها:
((فقد ذهب جمهور الفقهاء إلى منع بناء المساجد على القبور، لما في ذلك من التشبه بالمشركين، والذريعة إلى الشرك. وأما بخصوص حكم الصلاة في المساجد التي بنيت على القبور، فقد اختلف العلماء في صحتها، فمنهم من قال بصحتها مع الكراهة، ومنهم من قال ببطلانها. واختلفوا في حكم الصّلاة في مكان المقبرة دون قصد تعظيم القبور، فذهب الحنفية إلى كراهتها؛ تجنباً للتشبه باليهود الذين يتخذون قبور أنبيائهم مساجد، وذهب المالكية في المشهور عندهم إلى جواز الصلاة في المقبرة، وذهب الشافعية إلى تحريم الصلاة في المقبرة المنبوشة، وكراهتها في غير المنبوشة، وذهب الحنابلة والظاهرية إلى تحريم الصلاة في المقبرة مطلقًا، وأنها باطلة [انظر: بدائع الصنائع 1/115، ومواهب الجليل 1/419، والمجموع 3/158، والإنصاف 1/489، والمحلى 2/345].))
ولكن، وبالتأمّل في حال المسجد الإبراهيمي، نجد أن القبور في طبقات سفلى وليست في صحن المسجد. وأن الغرف الموجودة في صحنه خالية وليس فيها قبور. وبما أنها مفصولة في غرف وموضوعة ضمن جدر، فالمساجد على ذلك ليست على المقابر ولا فيها، بل بجوارها، أو فوقها. فلا حرج في الصلاة فيها في هذه الحالة. قال الإمام المزني الشافعي رحمه الله: "وإن صلى فوق قبر، أو إلى جنبه ولم ينبش أجزأه" [مختصر المزني 8/ 112]. وقال الإمام الشيباني من الحنفية رحمه الله: "قلت أرأيت المسجد هل تكره أن تكون قبلته إلى الحمام، أو إلى مخرج أو إلى قبر، قال: نعم، أكره له ذلك، قلت: فإن صلى فيه أحد يجزيه صلاته؟ قال: نعم" [الأصل المعروف بالمبسوط للشيباني1/ 208].
ونظرا لكون المسجد الإبراهيمي تحت الاحتلال، فإن عمارته والصلاة فيه من المرابطة المطلوبة شرعا، حتى تتحقق حريته بإذن الله تعالى.