سؤال
رقم مرجعي: 577607 | القرآن والتفسير |
ما حكم قراءة القرآن بحسب المقامات الموسيقية؟
ما حكم قراءة القرآن بحسب المقامات الموسيقية؟
إجابة
أولاً: المعنى:
لبيان الحكم الشرعي في المسألة المشار اليها، أرى توضيح بعض المصطلحات المتعلقة بالمقامات الموسيقية ومنها.
أ)المقام الصوتي: هو الطابع الموسيقي الذي يمتاز به صوت معين، ذلك أن للأصوات ألواناً مختلفة، تختلف بحسب قوتها ولحنها.
ب)السلم الموسيقي: ويعني ارتفاع درجات الصوت وانخفاضه بشكل منسق ومتدرج ومنتظم.
ثانياً: حكم تحسين الصوت عند قراءة القرآن:
استحب العلماء تحسين الصوت عند قراءة القرآن وترتيله، وقالوا: وهذا لا نزاع فيه، لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "زينوا القرآن بأصواتكم (رواه أبو داود والنسائي)" وقوله -صلى الله عليه وسلم-: "ليس منا من لم يتغن بالقرآن (رواه مسلم)" وقوله -صلى الله عليه وسلم-: لأبي موسى الأشعري عندما سمعه يقرأ القرآن وكان حسن الصوت: لقد أوتيت مزماراً من مزامير آل داود (رواه البخاري ومسلم)
قال ابن قدامة: اتفق العلماء على أنه يستحب قراءة القرآن بالتحزين والترتيل والتحسين. (ابن قدامه: المغني 10/312) لقوله -صلى الله عليه وسلم-: اقروا القرآن بالحزن فإنه نزل بالحزن" (الطبراني: المعجم الأوسط –ح-2902 -3/193).
ثالثاً: قراءة القرآن بالألحان الموسيقية – المعروفة بالمقامات.
اختلف العلماء في هذه المسألة على قولين:
القول الأول: لا يجوز قراءة القرآن بالتلحين بحسب المقامات الموسيقية، ذهب الى هذا الإمام مالك وأحمد وجمع من أهل السلف منهم سعيد بن جبير وسعيد من المسيب والحسن البصري وابن سيرين والنخعي وأنس بن مالك والطبري والماوردي والقرطبي وابن تيمية وابن قيم الجوزية وغيرهم، ومنهم من حكاه اجماعا وقال: لم يثبت فيه نزاع. وحجتهم في ذلك.
-إن تلاوة القرآن أمر تعبدي يلزم فيه هدي من الكتاب أو السنة الشريفة، ولا هدى في ذلك ولا دليل في استعمال المقامات في تلاوة القرآن الكريم.
-استعمال المقامات فيه تشبه بأهل الغناء من الفنانين، والجلوس مع المطربين ليتعلم لحن المقامات وتطبيقه على تلاوة القرآن، ومفاسد ذلك ظاهرة على المصالح ودرئها أولى.
-طريقة الألحان فيها تهييج للطباع وتلهي عن التدبر والتأمل المقصود في معاني القرآن الكريم
-علم المقامات علم مستحدث لا علاقة له ولا صلة بعلم القراءات، نشأ في بيئة المطربين والمغنيين، مضبوط بطابع وايقاع موسيقى معين، ومرتبط بآلات اللهو والطرب كما هو الحال بالمقامات الأندلسية والبغدادية.
-تحسين الصوت بالقرآن يكون من حيث أدائه على الوجه الصحيح من حيث: تطبيق الأحكام الخاصة بالتلاوة، كمراعاة الادغام والاظهار والاخفاء والمد والاقلاب، والامالة والتحقيق والتسهيل والابدال، والثقل والمحافظة على المعاني والسلامة من اللحن ومخارج الحروف وغير ذلك.
القول الثاني:
يجوز قراءة القرآن بألحان المقامات الموسيقية، وذهب الى هذا الامام أبو حنيفة والشافعي وهو مروي عن عمر بن الخطاب وابن عباس وعطاء وابن المبارك وغيرهم.
قال السيوطي: قراءة القرآن بالألحان والأصوات الحسنة إن لم تخرجه عن هيئته المعتبرة فهو سنة حسنة، وان أخرجته فحرام. وحجتهم في ذلك.
-قوله صلى الله عليه وسلم-:ما أذن الله بشيء ما أذن لنبي يتغنى بالقرآن (رواه مسلم) وقوله صلى الله عليه وسلم: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن) (صحيح البخاري) ومعلوم عند ذوي الحجا أن الترنم والتغني بالقرآن لا يكون الا بالصوت اذا حسنه وطرّب به، ومن أبين البيان أن التغني بالقرآن وتزيينه وتحسين الصوت به والتطريب بقراءته أوقع في النفس وادعى الى الاستماع والاصغاء لنفاذ معانيه الى القلب، وفيه تعويض للنفس عن الغناء، كما عوّض عن كل محرم بما هو خير منه، كالاستخارة عن الاستقسام بالأزلام، والنكاح عن السفاح.
الراجح:
أرى أن الراجح في المسألة الأخذ بمجموع القولين والجمع بينهما دون الاخلال بقواعد الشرع، وذلك بالقول: إنه يجوز الاستفادة من علم المقامات في تلحين الآيات عند تلاوتها لأجل تحسين الصوت وتطريب السامع وتحزينه وترقيقه مع التأمل والخشوع ومراعاة معاني الآيات وأحكام التلاوة. بل يكون عندئذ سنة مستحبة. ويحرم إذا كان في التلحين خروج على مقتضى قواعد التلاوة الصحيحة بالزيادة أو النقصان أو الاخلال بمعنى أو حكم لازم. وبالجملة أرى أن لا بأس للقارئ أن يستعين بلحن المقامات وقانونها لتحسين صوته عند التلاوة شرط.
-المحافظة على حسن الأداء وسلامة أحكام التجويد.
-المحافظة على أدب الخشوع والتأمل المناسب لوقار القرآن وعظم شأنه.
-أن يأخذ من ألحان المقامات قدر حاجته في تحسين صوته ولا يبالغ.
-يحظر قراءة القرآن بحسب لحن أغنية معنية.
-أن لا يكون تعلم ذلك بمخالطة الفنانين والمطربين والاستماع لآلات اللهو لاجتماع الضدين والنقيضين.
قائمة المراجع:
-القرطبي: الجامع لأحكام القرآن 1/29.
-الآجري: محمد بن الحسين، أخلاق أهل القرآن، دار الكتب العلمية ط3 بيروت 1/152
-النووي: يحيى بن شرف، التبيان في أداب حملة القرآن، دار ابن حزم ط3: 1994م. 1/111
-السيوطي: جلال الدين، الاتقان في علوم القرآن، الهيئة العامة للكتاب ط4، 1997م. 1/373.
-أبو زهرة: محمد بن أحمد المعجزة الكبرى القرآن، دار الفكر العربي 1/4227.
-ابن قدامة: المغني، مكتبة القاهرة، 1968م. 10/312.
-ابن رجب الحنبلي: نزهة الاسماع في مسألة السماع.
-المستغفري: جعفر بن محمد، فضائل القرآن، دار ابن حزم، ط1، 2008م بيروت 1/102.
-أيمن السويد، البيان لحكم قراءة القرآن بالألحان ص20.
-ابن قيم الجوزية: زاد المعاد 1/482.
-ابن تيمية: الاستقامة 1/246.