سؤال
رقم مرجعي: 584091 | الأيمان والنذور | 21 مارس، 2023
حكم من عاهد الله على إخراج بعض الراتب ولمن يعطيه؟
لقد تعاهدت مع الله انه اذا اكرمني بعمل براتب جيد سوف اخرج من راتبي شهريا ١٠٪ لوجه الله هل يمكني اعطاء هذة ال ١٠٪ لاسرتي ( ابي وامي واخي الصغير ) للمساعدة علي غلاء المعيشة حيث ان والدي متقاعد ويحصل علي معاش الحد الادني ام انه لايجوز وهل توجد اوجه صرف معينة لايمكنهم استخدام الاموال فيها باعتبار ان تلك الاموال خرجت مني هي لوجه الله تعالي ام يمكنهم شراء ما يبتغون من الكماليات والاشياء غير الاساسية ان وجدت وفرة؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن الوفاء بعهد الله لازم واجب، لأنه يعد بمعنى اليمين عند جمهور أهل العلم، فإن نويت به النذر فيلزمك الوفاء به بشكل آكد، وعدم الرجوع عنه، ومخرج ذلك المال الفقراء والمساكين ممن لا تلزم صاحب المال نفقته، كالوالدين مثلا، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله تعالى المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية، من سائل قال: قمت بعمل جديد في مجال التجارة، وقلت في نفسي أنني سوف أخرج 10% من أرباح هذا العمل، وهذا عهد بيني وبين الله تعالى، فهل هذه الأموال تعد صدقة يجب عليّ دفعها؛ لأنني أخذت عهداً على نفسي؟ وهل عليّ أن أتصدق بغير 10% من أرباحي؟
فأجاب: (( الأصل الوفاء بالعهود، لا سيما إن كانت مع الله، حيث يقول تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّهِ إِذَا عَاهَدْتُمْ وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ﴾ [النحل:91]، والوفاء بالعهود والوعود يكون لازماً إذا تعلقت بشيء واجب أو مندوب أو مباح، فالله تعالى يقول: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا﴾ [الإسراء: 34]، أما إذا كان الوعد بشيء منهي عنه؛ فلا يجوز الوفاء به، وإذا نقض المرء العهد اللازم؛ فينبغي له المسارعة إلى التوبة والاستغفار؛ لأن الله حذر من نقض العهود، والنبي، صلى الله عليه وسلـم، يقول: «آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ، إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ» [صحيح البخاري، كتاب الإيمان، باب علامات المنافق].
وفي حال نقض العهد مع الله؛ فقد ذهب الحنفية والمالكية والحنابلة إلى أن العهد مع الله يمين، وفي حال نقضه تلزم كفارة يمين؛ لأن اليمين بالله إنما هي عهد على تحقيق أو نفي [بدائع الصنائع 3: 8، المدونة 1: 580، المغني 9: 506- 507]، وذهب الشافعية إلى أن العهد مع الله ليس بيمين، ولا تلزمه الكفارة إلا إذا نوى به يمينًا؛ لأن العهد لفظٌ يحتمل وجوهًا عدة، وليس بلفظ صريح في اليمين [الأم 7: 65 ، الحاوي الكبير 15: 279- 280]، ونميل إلى ترجيح رأي الجمهور بالخصوص.
وعليه؛ فيلزمك الوفاء بالعهد الذي قطعته على نفسك، ولا يلزمك أن تدفع أكثر من 10% من أرباحك، إلا حين تجب عليك الزكاة، فتخرجها بالقدر والشروط المقررة شرعاً، والله تعالى أعلم.))
وخلاصة الأمر: فإنه يجب على السائل الوفاء بعهده وغخراج المال للفقراء والمساكين غير والديه وأخيه الصغير، والله أعلم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل