ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 595992 | قضايا طبية معاصرة | 26 يونيو، 2019

ماذا أفعل في حال كان لدي شك في نسبي من والدي؟

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته انا شاب تجاوز عمري الثلاثين عام والدتي متوفية والدي حي يرزق ولدي اخوة واخوات وعلاقتي باخوتي واخواتي و والدي جداً ممتازة نعيش في بيت واحد حالنا حال اي عائلة متماسكة محافظة طيبة ويسود البيت الطابع الديني والاحترام وذلك الفضل لوالدتي ووالدي الذان احسنا تربيتنا. مشكلتي غريبة وكبيرة بنفس الوقت صراحة لا اعرف كيف ابدأ عند اقبالي للزواج قبل فترة قصيرة وعند فحص الدم لي ولزوجتي وصار عندي المام بمعرفة فصيلة دم ابنائي واثناء بحثي عن الموضوع اكتشفت ان فصيلة دمي تختلف عن دم ابي وامي ... بمعنى اخر حسب علم الوراثة تكون فصيلة دمي من المستحيل ان اكون ابن لوالدي؟؟؟ علما انا رجل علمي ولدي المام واطلاع على علم الوراثة بمعنى اخر لا يوجد مكان للخطأ في اكتشافي للامر.. السؤال ما هو الحل؟؟ وماذا اعمل في مثل هذه الحالة؟؟ فانا في حيرة من امري والموضوع لا احد يعلم به سوى انا فاغيثوني يا اخوان...

إجابة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه وبعد:
تقول إن عمرك زاد عن الثلاثين عاماً وعلاقتك بوالديك وإخوتك ممتازة جدا، وقاما بتربيتكم تربية حسنة، ولم تُشر في كلامك إلى أن أحداً ما ذكر لك أو ألمح لك بأنك لست ابناً لهذه العائلة سواء من داخل العائلة أو خارجها، ولا يعقل بعد كل هذه الأعوام أن يبقى الامر مستترا لو كان هناك شيء غير صحيح، وعليه فلا تدمر علاقتك مع أسرتك بناء على فحص لا تدري لعله كان لغيرك او وقع فيه خطأ ما، فكثيرا ما يحصل فحص لعينة ثم تعطى النتيجة خطأ لشخص آخر، وهذا كثير ويتكرر بل وحدث في فحص أمراض خطيرة بأن أعطي أناس تحاليل لعينات غيرهم وأمضوا فترات طويلة في علاج أمراض ليست فيهم!! 
ننصحك بأن لا تثير هذا الموضوع الآن مع والدك ولا مع أي احد آخر فتسيء لوالديك ولعائلتك ولنفسك وتدمر حياتهم وحياتك بناء على شكوك ربما لا تصح، وإن بقي شيء في نفسك فيمكنك إعادة الفحص أكثر من مرة وفي مراكز طبية مختلفة ومتطورة، حتى ينجلي الأمر وتتضح الحقيقة.
ولعل الأمر -إن صح- يرجع إلى خطأ منذ أيام الولادة في المستشفى -مثلا- حيث يحدث أحياناً تبديل للمواليد بطريق الخطأ،  ويسلم الاهل مولودا غير مولودهم  ويمضي الامر إن لم يتنبه له أحد، وهذا معروف، خاصة إذا لم يتم مراجعة فصائل الدم، ومقارنتها بين الطفل ووالديه، فلا تذهب بفكرك بعيدا ولا تسمح للشيطان أن يفسد ما بينك وبين أهلك من الود. ولا تقابل حسن تربيتهم لك بالإساءة والعقوق.

وللمزيد حول هذا الموضوع يوجد فتوى صادرة عن دار الافتاء الفلسطينية برقم (1/155) حول استخدام فحص (DNA) في اثبات النسب، حيث  ذهبت الفتوى إلى عدم جواز استخدام هذا الفحص بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً، أو نفي نسب ثابت بأي دليل شرعي.

وفيما يلي تفصيل الفتوى:

قرار 1/155    الموافق 2017/9/28م  

- حكم اعتماد فحس الـ ( DNA) في إثبات النسب شرعاً.

السؤال: مع تقدم العلم هل يعتبر فحس الـ ( DNA ) مثبتاً للنسب شرعاً؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد:

فإن مسألة  النسب تنطوي على درجة عالية من الأهمية والخطورة، ولهذا أحاطها الإسلام برعايته الشاملة، واهتمامه البالغ، وجعل المحافظة عليها وصيانتها مقصداً من أهم مقاصد الشريعة، وغاياتها في الحفاظ على الترابط العائلي، وبناء مجتمع متماسك، ينعم أبناؤه بالوحدة والكرامة والسلم الاجتماعي.

ولتحقق هذه الغاية النبيلة، فقد تضمنت الشريعة الإسلامية عددا من القواعد والوسائل الشرعية المعتبرة، والمتفق عليها بين الفقهاء، " كقاعدة الفراش"، بمعنى الزوجية القائمة بين الزوجين، والاستلحاق، أو الإقرار بالنسب، والبيئة المقرونة بالشهود، والقيافة التي قال بها الجمهور، ما عدا الحنفية، بمعنى إلحاق الأبناء بآبائهم استناداً إلى علامات الشبه الجسماني بينهم.

ومع التطور الذي شهده العالم في العصر الحديث في مجال علم الجينات خاصة، اكتشف العلماء وسائل علمية حديثة، يمكن بوساطتها تحديد هوية الإنسان ونسبه، من خلال البصمة الوراثية، أو الحمض النووي ( DNA )، الذي اكتشف عام 1985م.

والبصمة الوراثية في أبسط مفهوم لها هي البنية الجينية، أو الشيفرة الوراثية التي تميز شخصاً ما عن غيره، وتُمكننا من تحديد هويته عن طريق تحليل جزء أو أجزاء من الحمض النووي (DNA) المتمركز في نواة أي خلية من خلايا جسمه، ويرى المتخصصون أنه يمكن استخدام هذه التقنية المستجدة في كثير من المجالات، ولا سيما في المجالين: الجنائي والأنساب.

وقد تباينت آراء العلماء واجتهاداتهم في استخدام هذه البصمة وسيلة لإثبات النسب، وتكييفها فقهياً، وذلك على ثلاثة مذاهب، فمنهم من رأى أن البصمة الوراثية قرينة قانونية قطعية تشكل في ذاتها ( قاعدة مستقلة )، يؤخذ بها في الحكم الشرعي إثباتاً ونفياً، لاعتمادها على أسس أثبت العلم صحتها ودقتها، وانتفاء الخطأ منها، بدليل استخدامها بنجاعة في المجال الجنائي.

ومنهم من قال إنها مجرد قرينة ظنية لا تقرى إلى حد القرائن القطعية، ذلك لأن القائمين عليها لم يصلوا فيها إلى درجة التثبت واليقين، وبالتالي فإن ما يتوصلون إليه من نتائج يبقى موضع شك بسب ما يحدث أثناء التحليل من أخطاء بشرية، أو مخبرية، باعتراف من له خبرة في عملها، مما يؤثر في دقة النتائج وصحتها، وما كان كذلك لا يجوز اعتباره من البيّنات المعتبرة شرعاً في إثبات النسب، كما لا يجوز تقديمه على الأدلة والقواعد الشرعية المعتبرة.

ويرى فريق ثالث أن فحوس ألـ ( DNA ) أو البصمة الوراثية قد تكون قرينة قوية، قياساً        على ( القيافة ) المعتمدة من طرف الجمهور، بل هي أقوى من القيافة، وبالتالي لا مانع من استخدامها إذا ما توافرت فيها شروط وضوابط محددة، وقد حدد المجمع الفقهي التابع لمنظمة المؤتمر الإسلامي هذه الشروط ضمن القرارات التي أصدرها في دورته السادسة عشرة التي عقدها بتاريخ 2002/1/8-5 وجاء فيها:

أولاً: استعمال البصمة الوراثية في مجال النسب لا بد أن يحاط بمنتهى الحذر والحيطة والسرية التامة.

ثانياً: لا بد أن تقدم النصوص والقواعد الشرعية على البصمة الوراثية.

ثالثاً: لا يجوز شرعاً الاعتماد على البصمة الوراثية في نفي النسب، ولا يجوز تقديمها على اللعان المنصوص عليه في القرآن الكريم.

رابعاً: لا يجوز استخدام البصمة الوراثية بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً، ويجب على الجهات المختصة منعه وفرض العقوبات الزاجرة، حماية لأعراض الناس وصوناً لأنسابهم.

خامساً: يجوز الاعتماد على البصمة الوراثية في مجال إثبات النسب، في الحالات الآتية:

1- التنازع على مجهول النسب، بمختلف صور التنازع التي ذكرها الفقهاء، سواء أكان التنازع على مجهول النسب بسبب انتفاء الأدلة أو تساويها، أم كان بسبب الاشتراك في وطء الشبهة ونحوه.

2- الاشتباه في المواليد في المستشفيات ومراكز رعاية الأطفال ونحوها، وكذا الاشتباه في أطفال الأنابيب.

3- ضياع الأطفال واختلاطهم، بسبب الحوادث أو الكوارث أو الحروب، وتعذر معرفة أهلهم، أو وجود جثث لم يمكن التعرف على هويتها، أو بقصد التحقق من هويات أسرى الحروب والمفقودين.

بناءً على ما سبق فإن مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين يرى جواز الإفادة من فحوص ألـ (DNA) أو البصمة الوراثية، واستخدامها في مجال إثبات النسب، على أن تتسق مع سائر طرق الإثبات شرعاً، ولا تعارضها، ولا تتقدم عليها، لأن الأصل الشرعي المقرر والمجمع عليه عند الفقهاء في إثبات النسب هو فراش الزوجية الصحيح، بدليل قوله صلى الله عليه وسلم: (( الولد للفراش وللعاهر الحجر )) ( متفق عليه)، ولا سبيل لنفي ذلك النسب إلا باللعان. ومن هنا لا يجوز استخدام البصمة بقصد التأكد من صحة الأنساب الثابتة شرعاً، أو نفي نسب ثابت بأي دليل شرعي، أو إثبات نسب في حال الزنا؛ لأن الشرع - وإن كان يتشوّف لإثبات النسب - يأمر في الوقت ذاته بالستر باعتباره مقصداً مهماً، وركيزة معتبرة تقوم عليها الحياة الاجتماعية.

ويؤكد المجلس أن الفحوص التي تجري بهذه الوسيلة المستحدثة، ينبغي أن تكون بأمر من القضاء، أو من السلطات الرسمية وفي مختبرات خاضعة لرقابة الدولة، درءاً للمخاطر والمفاسد، وينبغي حال إجراء هذه الفحوصات التأكد من سلامة أجهزة التحليل ودقتها، ومن أمانة القائمين عليها ونزاهتهم، ضماناً لحفظ الأنساب والأعراض من جهة، وحفظاً للنظام الأسري والاجتماعي من أية خلخلة قد تطرأ عليه من جهة أخرى.

والله يقول الحق وهو الهادي إلى سواء السبيل

 

والله تعالى أعلم
 

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة