سؤال
رقم مرجعي: 626497 | الصلاة | 13 أكتوبر، 2018
ما حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا؟
ما حكم تارك الصلاة تهاونا وكسلا؟
إجابة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد؛ يقول الإمام النووي في شرح صحيح مسلم: وأما تارك الصلاة فإن كان منكرًا لوجوبها فهو كافر بإجماع المسلمين، خارج من ملة الإسلام إلا أن يكون قريب عهد بالإسلام، ولم يخالط المسلمين مدة يبلغه فيها وجوب الصلاة عليه، وإن كان تركه تكاسلًا مع اعتقاده وجوبها كما هو حال كثير من الناس فقد اختلف العلماء فيه، فذهب مالك والشافعي رحمهما الله والجماهير من السلف والخلف إلى أنه لا يكفر بل يفسق ويستتاب فإن تاب وإلا قتلناه حدًا كالزاني المحصن...
وذهب جماعة من السلف إلى أنه يكفر وهو مروي عن علي بن أبي طالب كرم الله وجهه وهو إحدى الروايتين عن أحمد بن حنبل - رحمه الله -، وبه قال عبد الله بن المباركإسحاق بن راهويه، و وهو وجه لبعض أصحاب الشافعي رضوان الله عليه.
وذهب أبو حنيفة وجماعة من أهل الكوفة والمزني صاحب الشافعي رحمهما الله أنه لا يكفر، ولا يقتل، بل يعزر ويحبس حتى يصلي.
واحتج من قال بكفره بظاهر الحديث "إن بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة "، وبالقياس على كلمة التوحيد.
واحتج من قال لا يقتل بحديث لا يحل دم امرئ مسلم إلا بإحدى ثلاث وليس فيه الصلاة . واحتج الجمهور على أنه لا يكفر بقوله تعالى :إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء وبقوله - صلى الله عليه وسلم - : من قال لا إله إلا الله دخل الجنة ومن مات وهو يعلم أن لا إله إلا الله دخل الجنة ولا يلقى الله تعالى عبد بهما غير شاك فيحجب عن الجنة . حرم الله على النار من قال لا إله إلا الله وغير ذلك.
فإذا قلدت أخي السائل الجمهور القائلين بعدم كفره واعتبرته من جملة العصاة، فلا تثريب عليك، يقول الطوفي في شرح مختصر الروضة: قَوْلُهُ: "فَإِنِ اسْتَوَيَا عِنْدَهُ"، أَيْ: إِنِ اسْتَوَى الْمُجْتَهِدَانِ عِنْدَ الْمُسْتَفْتِي فِي الْفَضِيلَةِ، وَاخْتَلَفَا عَلَيْهِ فِي الْجَوَابِ، فَفِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: يَتَّبِعُ «أَيَّهُمَا شَاءَ» مُخَيَّرًا لِعَدَمِ الْمُرَجِّحِ. الثَّانِي: يَأْخُذُ بِأَشَدِّ الْقَوْلَيْنِ، لِأَنَّ «الْحَقَّ ثَقِيلٌ مَرِيٌّ وَالْبَاطِلَ خَفِيفٌ وَبِيٌّ» ، كَمَا يُرْوَى فِي الْأَثَرِ. وَفِي الْحِكْمَةِ: إِذَا تَرَدَّدْتَ بَيْنَ أَمْرَيْنِ، فَاجْتَنِبْ أَقْرَبَهُمَا مِنْ هَوَاكَ. وَرَوَى التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ قَالَتْ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: مَا خُيِّرَ عَمَّارٌ بَيْنَ أَمْرَيْنِ إِلَّا اخْتَارَ أَشَدَّهُمَا وَفِي لَفْظٍ: أَرْشَدَهُمَا. قَالَ التِّرْمِذِيُّ: هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ غَرِيبٌ، وَرَوَاهُ أَيْضًا النَّسَائِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ. فَثَبَتَ بِهَذَيْنِ اللَّفْظَيْنِ لِلْحَدِيثِ أَنَّ الرُّشْدَ فِي الْأَخْذِ بِالْأَشَدِّ. الثَّالِثُ: يَأْخُذُ بِأَخَفِّ الْقَوْلَيْنِ لِعُمُومِ النُّصُوصِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّخْفِيفِ فِي الشَّرِيعَةِ، كَقَوْلِهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: "يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ"، والله تعالى أعلم