ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 633218 | مسائل متفرقة | 13 أكتوبر، 2018

ما حكم تطريز او حياكة شخصيات كرتونية (احيانًا تشبه هيئة الإنسان او الأطفال الصغار) على القماش بخيوط ملونة؟ و ما الحكم لو حولت عيونهم و الفم لأقواس تشبه الرمز "^_^" ؟ و ما الحكم لو كانت على هيئة قطة او...

ما حكم تطريز او حياكة شخصيات كرتونية (احيانًا تشبه هيئة الإنسان او الأطفال الصغار) على القماش بخيوط ملونة؟ و ما الحكم لو حولت عيونهم و الفم لأقواس تشبه الرمز "^_^" ؟ و ما الحكم لو كانت على هيئة قطة او سمكة او فيل او زرافة او باندا (او حياكة اشكال الحيوانات الصغيرة)؟

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

فبالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن تطريز شخصيات كرتونية وحياكتها على هيئة إنسان أو حيوان مباح شرعا إن كان للعب الأطفال، لحديثِ عائشة رضي الله عنها قالَتْ: «كُنْتُ أَلْعَبُ بِالبَنَاتِ، فَرُبَّمَا دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَعِنْدِي الجَوَارِي، فَإِذَا دَخَلَ خَرَجْنَ، وَإِذَا خَرَجَ دَخَلْنَ» أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في اللعب بالبنات (٤٩٣١) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «صحيح أبي داود». وأنها قالَتْ: «قَدِمَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ غَزْوَةِ تَبُوكَ أَوْ خَيْبَرَ وَفِي سَهْوَتِهَا(( الرفِّ أو الطاق يُوضَعُ فيه الشيءُ، )) سِتْرٌ، فَهَبَّتْ رِيحٌ فَكَشَفَتْ نَاحِيَةَ السِّتْرِ عَنْ بَنَاتٍ لِعَائِشَةَ لُعَبٍ، فَقَالَ: «مَا هَذَا يَا عَائِشَةُ؟» قَالَتْ: «بَنَاتِي»، وَرَأَى بَيْنَهُنَّ فَرَسًا لَهُ جَنَاحَانِ مِنْ رِقَاعٍ فَقَالَ: «مَا هَذَا الَّذِي أَرَى وَسْطَهُنَّ؟» قَالَتْ: «فَرَسٌ»، قَالَ: «وَمَا هَذَا الَّذِي عَلَيْهِ؟» قَالَتْ: «جَنَاحَانِ»، قَالَ: «فَرَسٌ لَهُ جَنَاحَانِ؟» قَالَتْ: «أَمَا سَمِعْتَ أَنَّ لِسُلَيْمَانَ خَيْلًا لَهَا أَجْنِحَةٌ؟» قَالَتْ: فَضَحِكَ حَتَّى رَأَيْتُ نَوَاجِذَهُ» أخرجه أبو داود في «الأدب» بابٌ في اللعب بالبنات (٤٩٣٢) مِنْ حديثِ عائشة رضي الله عنها. وصحَّحه الألبانيُّ في «آداب الزفاف» (٢٧٥). ولا يجوز تعظيمُها بوضعها ظاهرةً على الرفوف أو المكتبات، أو تعليقِها سواءٌ على الجدران أو على السيَّارات ونحوِها بل  إنه يجب أَنْ تكون هذه اللعبُ ممتهَنةً.

وقد ناقش نمجلس الإفتاء الأعلى حكم تحويل الصور الفوتوغرافية إلى مجسمات ثلاثية الأبعاد وقرر ما يأتي:(( فإن تحويل الصور الفوتوغرافية العادية  إلى مجسمات ثلاثية الأبعاد، مطابقة للصور الأصلية، هي تقنية جديدة تقوم فكرتها على معالجة الصور الفوتوغرافية بوساطة برامج وتطبيقات محوسبة، واستخدام طابعات ثلاثية الأبعاد، يمكنها تحويل هذه الصور من نماذج رقمية إلى مجسمات ملموسة، أو أشكال ثلاثية الأبعاد، يمكن استخدامها في العديد من المجالات الصناعية والهندسية والطبية، حيث أمكن بوساطتها تحديد موضع المرض، وتشخيص حالات الكسور والتشوهات، وتقديم العلاج الأمثل لها، بل أمكن صناعة أجهزة ومعدات وأطراف صناعية، ما يشكل ثورة علمية في هذا المجال الحيوي.

وبالنظر إلى كون هذه التقنية من النوازل التي أحدثها التطور التقني المتنامي، فقد تباينت آراء العلماء المعاصرين حيالها بين من قال بتحريمها، وبين من ذهب إلى جواز إنتاجها واستخدامها بضوابط ومعايير محددة.

فمن العلماء من ذهب إلى تحريم هذه الوسيلة تحريماً مطلقاً لعموم أدلة التحريم، ونصوصها الصحيحة، وما تضمنته من وعيد شديد للمصورين، كقوله صلى الله عليه وسلم: (( إِنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَذَابًا عِنْدَ اللَّهِ يَوْمَ القِيَامَةِ المُصَوِّرُونَ )) ] صحيح البخاري، كتاب اللباس، باب عذاب المصورون يوم القيامة[، بل إن حرمتها - حسب رأيهم - تعظم وتتضاعف إن كانت مجسمة أو ثلاثية الأبعاد، بحيث تتحرك وتتكلم، وذلك لشدة المضاهاة التي أجمع العلماء على تحريمها بناء على ما نقله النووي حيث قال: " وأجمعوا على منع ما كان له ظل ووجوب تغييره " ( شرح صحيح مسلم، باب تحريم صورة الحيوان، ج14، ص 81).

واستثنى العلماء من ذلك المجسمات والتصميمات التي لم تكتمل بقطع رؤوسها، أو طمس معالم وجوهها، لقوله صلى الله عليه وسلم فيما يروى عن ابن عباس، رضي الله عنهما: (( الصورة الرأس، فإذا قطع الرأس فلا صورة )), ] أخرجه الإسماعيلي في المعجم، 2: 662، وصححه الألباني[.

وذهب بعض أهل العلم إلى إباحة التصميمات المحوسبة المجسمة، قياساً على إجازة النبي - صلى الله عليه وسلم - اللعب بصور البنات لعائشة، رضي الله عنها، كما روي في الصحيحين، إذا ما اقتضتها الضرورة والمصلحة العامة، كأن تستخدم لأغراض دعوية وتربوية تتناسب مع العقيدة الصحيحة، والأفكار السليمة، والقيم النبيلة، أو توظف لتلبية الاحتياجات في المجالات الصحية والصناعية، وغير ذلك مما يعود بالنفع على الفرد والمجتمع.

ويرى أصحاب هذا الرأي أن التصوير بالآلة من الوسائل التي لها أحكام المقاصد، وليس فيها معنى المضاهاة، أي أنها - في حقيقة الأمر - انطباع لا فعل يقصد منه مضاهاة خلق الله، أو صنع مجسمات على هيئة أصنام وتماثيل على سبيل التعظيم والتقديس، مما يدخل صاحبها في دائرة الكفر والإشراك بالله.

وبناءً على ما سبق فإن مجلس الإفتاء الأعلى يرى أنه لا حرج من تحويل الصور الفوتوغرافية إلى مجسمات، إذا كانت مما تدعو إليه الضرورة والحاجة والمصالح المعتبرة، والتزامها التام بضوابط الشرع الحنيف ومعاييره، وأهمها:

- أن يكون هدفها نشر الدعوة الإسلامية، وبيان محاسنها وفضائلها، وتنشئة الأجيال على مبادئ الإسلام الحنيف وحضارته وقيمه الإنسانية الرفيعة.

- أن تخلو من كل ما يؤدي إلى زعزعة العقيدة في نفوس الناشئة، كنشر الرذيلة والتبرج، وإثارة الشهوات، والحث على العنف والجريمة، وتشجيع كل ما يؤدي إلى الفساد والانحراف.

- أن لا يكون القصد منها المضاهاة بخلق الله، أو الاعتداد بأصحاب الصور والمجسمات تعظيماً وتوقيراً وتقديساً، كما كان الحال في عهود الوثنية والجاهلية.

ويرى المجلس أنه حال انتفاء الضرورة والمصالح المعتبرة، والحاجة إلى هذا النمط من التصوير والتجسيم، فالأولى تجنبه والابتعاد عنه، التزاماً بقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - (( دع ما يريبك إلى ما لا يريبك )). ] أخرجه أحمد في المسند 3: 153، وصححه الألباني في صحيحه الجامع رقم 3372 [ والكيّس الفطن من اتقى الشبهات وتجنب الوقوع فيها، ولا سيما عند تجاذب الأدلة.)) قرار رقم 1/150.

 

والله يقول الحق وهو الهادي إلى سواء السبيل

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة