سؤال
رقم مرجعي: 634399 | المعاملات المالية المعاصرة |
ما حكم بيع اسم الشهرة، بمعنى بيع العلامة التجارية؟
ما حكم بيع اسم الشهرة، بمعنى بيع العلامة التجارية؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد،
فإن أحداً من أئمة المذاهب الفقهية القديمة في الاسلام لم يتناول هذه المسألة بالبحث لعدم وجودها في زمانهم، فهي من النوازل المستحدثة الناجمة عن التقدم العلمي والتطور الاقتصادي المعاصر، والتي بحثها العلماء المعاصرون بحسب ما تقتضيه قواعد العدل والمصلحة في الشريعة الاسلامية، وللإجابة عن المسألة المشار اليها سنبين الآتي:
أولاً: المفهوم: إن الاسم التجاري أو اسم الشهرة يطلق على التسمية التي يستخدمها التاجر كعلامة تميز مشروعه التجاري عن غيره من حيث خصوصية نوع السلع وحسن المعاملة والخدمة التي اشتهر بسببها المحل وأصبح ذو سمعة طيبة جذبت الجمهور اليه.
وهذا الاسم التجاري أو اسم الشهرة يوضع على لافته خاصة بالمحل التجاري وعلى جميع أوراقه الخاصة ومنتجاته التي يصنعها لتمييزها عما يماثلها من السلع الأخرى.
ثانياً: الهدف والغاية من تسجيل وتثبيت اسم الشهرة أو الاسم التجاري: إن اسم الشهرة أو الإسم التجاري أو العلامة التجارية يهدف الى:
-تمييز الصناعة المعلمة أو المسجلة بماركة معينة عن غيرها من المنتجات التي تماثلها.
-جذب العملاء والمستهلكين لما تتميز به هذا السلع من خصائص إيجابية عن غيرها.
-حق الحماية والاختصاص:
فالشهرة أو الاسم التجاري يتحقق لصاحبة نتيجة جهد واتقان في العمل أدى الى ذيوع صيته بين الناس واقبالهم عليه لتمييز منتجاته عن غيرها. وبهذا المعنى ذهب أكثر العلماء المعاصرين الى اعتبار اسم الشهرة أو الاسم التجاري حقاً لصاحبه يمنحه حق الاستعمال والاستئثار والإختصاص بالبيع أو الهبة دون غيره، ولا يحق لأحد استعماله إلا بإذن صاحبه تماماً كما هو الحال في الحق العيني (حق الملكية المادية).
ثالثاً: حجية اعتبار اسم الشهرة من الحقوق التي يجوز الاستعاضة عنه بمال
ومستند اعتبار اسم الشهرة أو الاسم التجاري من الحقوق المعنوية التي لا يجوز التعدي عليها وانها حق خالصٌ لصاحبها يحل له الاستعاضة عنها بمال ما يلي:
أ)العرف المستعمل بين التجار في بيع وشراء هذا الحق وسن القوانين التي تحميه من الاعتداء عليه.
ب)كما أن المصلحة المرسلة تشهد له بالحجية لتأكد المصلحة في اعتبار ماليته، ووجوب حمايته.
ج)والفقه الحنبلي ذهب الى معنى متطور في اعتبار مالية الأشياء وأن المنظور إليه في الأشياء ليس هو عينية الشيء المادي فقط بل هو منفعته واثره. جاء في المغني: إن ما لا منفعة فيه ليس بمال ولو كان شيئاً عينياً ولا يجوز بيعه، فمناط المالية المنفعة لا عينها.. والقياس العام يشمل كل نفع ذي قيمة بين الناس إن لم يكن محرماً الانتفاع به شرعاً مما استلزم جريان المعاوضة فيه عرفاً.
د)وذهب الى هذا الرأي مجمع الفقه الاسلامي في دورته الخامسة المنعقدة في دولة الكويت في جمادى الأولى -1409ه-10/12/1988م ومما جاء في القرار:
1-الاسم التجاري والعنوان التجاري والعلامة التجارية وحق التأليف والاختراع والابتكار هي حقوق خاصة للأصحابها أصبح لها في العرف المعاصر قيمة مالية معتبرة لتمول الناس بها وهذه الحقوق يعتد بها شرعاً فلا يجوز الاعتداء عليها.
2-يجوز التصرف في الاسم التجاري أو العنوان التجاري أو العلامة التجارية ونقل أي منها بعوض مالي اذا انتفى الغرر والتدليس والغش باعتبار أن ذلك أصبح حقاً مالياً.
وعليه: فإن مجلس الافتاء الأعلى في فلسطين يؤكد على هذا الرأي ويرى جواز بيع الشهرة أو الاسم التجاري وجوازالاستعاضة عنه بمال اذا انتفى عنه الغش والتدليس.
والله تعالى أعلم
المراجع:
-الفقه الاسلامي المقارن، مسألة حق الابتكار، د. محمد فتحي الدريني ص 266.
-بيع الاسم التجاري، د. وهبة الزحيلي
-المعاملات المالية المعاصرة، د. محمد الشبير ص67.
-البيوع الشائعة وأثر ضوابط المبيع على شرعيتها، د. محمد توفيق رمضان البوطي ص 166.
-ابن قدامة: المغني 6/184.