سؤال
رقم مرجعي: 643193 | مسائل متفرقة | 21 يناير، 2019
ما حكم الرجوع عن حلف أيمان على المصحف وبالطلاق لترك التدخين؟
لا اعرف من اين ابدأ لاني محرج بعض الشيء من سؤالي ولكن اريد فتوى بهذا الامر.. قبل عدة أشهر وفي لحظة لم اكن اعرف هل هي لحظة ضعف ام عدم امتلاكي العزيمة كنت قد حلفت يمين واقسمت بالله على المصحف الشريف باني سوف اترك الدخان اي السجائر وان لا ارجع له نهائيا وبعد حلفاني اليمين قمت بحلف يمين الطلاق بألا أعود له.. فلا اعرف ماذا حدث لي حيث بعد فترة من الزمن وفي لحظة ضعف رجعت ادخن من جديد..فهل هناك كفارة ليمين القسم؟؟ وماذا عن يمين الطلاق هل حقا وقع؟؟ اريد اجابة مفصلة ولكم جزيل الشكر.. ملاحظة.. انا انسان ملتزم بعبادتي ولكن ما حدث لا اعرف كيف حدث
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن ترك التدخين واجب شرعا عند جلّ العلماء، وذلك لما ثبت من ضرره وآثاره السيئة مما أقر به الأطباء، والأصل في المسلم إذا حلف على تركه أن يلتزم يمينه، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية حفظه الله عن حكم وضع سائل يده على المصحف، وحلفه يميناً على ترك تدخين الشيشة، حيث إنه تركها مدة ستة أشهر، لكنه لا يستطيع الاستمرار في ذلك؟ فأجاب:(( فقد اتفقت الهيئات العلمية والمراكز الطبية والصحية على مدى تأثير التدخين على جسم الإنسان، وأثبتت هذه الهيئات والمؤسسات أنه سبب رئيس في الإصابة بكثير من الأمراض الخطيرة؛ منها سرطان الرئة، وتليف الكبد، وعليه؛ فقد ذهب معظم العلماء إلى تحريمه، ووجوب الإقلاع عنه؛ لأن الإسلام أحل الطيبات، وحرم كل خبيث وضار، فقد قال الله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 157]، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» [مسند أحمد، مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وصححه الألباني].
فإن كان التدخين محرماً فلا يجوز للمسلم ارتكاب المحرمات، وإن كان مكروهاً، فهو من الشبهات التي أمرنا الشرع باجتنابها، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ» [صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات]، ثم إن الحلف على المصحف على ترك التدخين، يزيد اليمين تغليظاً وتعظيماً وتأكيداً على لزوم تركه، وعليه؛ فيجب على من حلف بالله تعالى على ترك تدخين الشيشة أن يُلزم نفسه بتركه، وأن يبرّ بيمينه، فالله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: 91]، فلا يعذر الإنسان بحجة أنه لا يستطيع ترك التدخين؛ لأن الانقطاع عنه ممكن في العادة مع العزيمة القوية، والإصرار، وبما أنك انقطعت عنه مدة ستة أشهر، فبإمكانك أن تكمل ذلك، خصوصاً وأن التدخين يُعد ذنباً، والإقلاع عنه توبة من هذا الذنب.
أما في حال الرجوع إلى التدخين وعدم البر بيمينك، فعليك أن تكفر عن يمينك، بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة، 89]))
أما يمين الطلاق فلا بد من توجهك إلى دار الإفتاء في محافظتك مصطحبا معك عقد الزواج لمعرفة حكمه إذ أن هذه الأيمان لا بد فيها من لقاء المفتي.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل