سؤال
رقم مرجعي: 695566 | العلاقة مع غير المسلمين | 17 مارس، 2022
ما حكم العمل في الداخل المحتل في شركات إسرائيلية للحفاظ على حق العامل بشكل أفضل ؟
السلام عليكم درست الهندسة لمدة 5 سنوات ثم بدأت دراسة تكنولوجيا المعلومات لمدة سنتين، وأبحث عن وظيفة في مجال تكنولوجيا المعلومات لكن الشركات الفلسطينية للاسف لا تعطي الموظف أبسط حقوقه ولا تقدر الجهد الذي بذله سنين، ولا تلتزم بالأجور وساعات العمل والمعاملة السيئة مع الموظفين، الا من رحم ربي، سؤالي هل يجوز لي العمل مع شركات اسرائيلية ؟ مع العلم أن الشركات الاسرائيلية تعطي الموظف حقوقه وهي شركات متطورة وأنا اسعى جاهدا لتطوير مهاراتي ولا يوجد تطور في شركاتنا الفلسطينية للأسف. ما الحكم في هذا مع العلم أنا من حفظة القرآن ولله الحمد ومحافظ على الصلوات والأذكار واتطلع للحصول على وظيفة لكي استطيع التفرغ للعلم الشرعي وجزاكم الله خيرا
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن الأصل في العمل في الداخل المحتل الحرمة لما فيه من تقوية الاحتلال وإطالة أمده وإعانته في الجانب الاقتصادي ودعمه، وفيه من الأضرار ما لا يعلمه إلا الله كامتهان المسلم وإعانة المحتل على الإثم والعدوان والعمل في بعض الأعمال المحرمة، كما أنه يؤثر سلبا على سلوك العمال وأخلاقهم، وإن العمل محرم وكذا أخذ الأجرة منه ومخالفة ذلك الحكم يعني الرضوخ والقبول بشرعية المحتل وإعانته وتقويته على استمرار احتلاله وتمرده وطغيانه وانتهاكاته المستمرة لحقوق الفلسطينيين والاعتداء على أنفسهم وأملاكهم والتنكيل بهم والمشاركة في ظلمهم . وعمل المسلم كأجير لليهود في أرض فلسطين يعتبر إهانة للمسلمين، وإعانة لليهود في اغتصابهم الأرض واعتدائهم عليها، ومساهمة من ذلك المسلم الأجير في تثبيت اليهود وإعطاء الشرعية للمغتصب فهو غير جائز لهذه الأسباب. إلا أن يضطر الشخص للعمل للحاجة إلى ما يحفظ حياته ويبقي عليها خوفا من الهلاك فيجوز للمضطر العمل في هذا المجال لكسب القوت الضروري، ولا يجد مكاناً آخر يعمل فيه، ولا يمكنه الاتجار بأي صورة من الصور. والدولة لا تعينه في تأمين ضرورات الحياة، ولا يتيسر له السفر للعمل في أي بلد آخر.. إذا سدت السبل في وجهه، فإن له أن يعمل مع الاستمرار في بذل الجهد، في البحث عن البدائل المأذون فيها شرعاً. شريطة ألا يقع في مخالفة شرعية، وقد جاء في قرار مجلس الإفتاء الأعلى رقم 1/360 (( كما يحرم المتاجرة مع اليهود بما فيه تقوية لهم )).
وسئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله المفتي العام للقدس والديارالفلسطينية من سائل قال: أنا شاب من قضاء حيفا، أعمل في الهندسة والمساحة في شركة تقوم بفتح شوارع وجسور في إسرائيل وتدشينها، ومؤخراً انتقلنا للعمل في المستوطنات، فما حكم العمل فيها؟
فأجاب ((إن العمل في فتح شوارع وجسور في المستوطنات وبنائها، فهو يخدم أهم ركائز المشروع الاستيطاني الإسرائيلي في فلسطين، ويعدّ من أولويات عمل الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة؛ لأن إنشاء المستوطنات وجذب مزيد من المستوطنين إليها يؤسسان لعملية السيطرة على الأرض الفلسطينية، والإخلال الديموغرافي فيها بعد طرد العرب الفلسطينيين إلى خارج وطنهم، وفي هذا السياق تشير الدراسات المختلفة إلى تزامن واضح بين الزحف الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وامتلاكها، عبر القوة، وإقامة المستوطنات الإسرائيلية عليها، وعليه فإن الواجب الشرعي يملي علينا مقاطعة العمل فيها، والامتناع عن بيع البضائع لها أو الشراء من منتوجاتها وزراعتها؛ لأن في ذلك تمكيناً للغاصب المحتل من أرضنا، والله تعالى يقول: "﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
فينبغي تضافر الجهود الرسمية والشعبية لتطبيق هذا الحكم الشرعي، ومن يخالفه يعد من المتعاونين على الإثم والعدوان، والله تعالى يقول: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾ [الأنفال: 27]، ونوجه السائل إلى البحث عن بديل عن هذا العمل، فمن ترك شيئاً لله، عوضه الله خيراً منه، والله تعالى أعلم.))
وبناء على أن النفقات التي تريدها من ذلك العمل ليست من الضروريات ويمكن الاستغناء عنها أو الاقتصاد فيها، كما أن المبررات التي ذكرتها لا ترتقي لتكون سببا في إباحة المحظور، فلا يجوز لك العمل في الداخل المحتل من أجل ذلك القصد. والله أعلم.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل