سؤال
رقم مرجعي: 720173 | الميراث و الوصايا والوقف والأحوال الشخصية | 17 يونيو، 2020
ما حكم الشهادة على قسمة الوالد أراضي ومنازل بين الأبناء والبنات؟
عمي اراد ان يقسم بعض املاكه لابناءه وبناته بان جعل منزله الخاص لبناته وجعل لكل واحد من الابناء قطعة ارض انشأ كل منهم عليها منزل خاص به فاراد ان يوثق لكل حقه بهذا الشكل في وثيقه يقول انهم جميعا متراضين ووقع هو عليها فقط . ماحكم الشهاده على هذه القسمه من الناحيه الشرعيه للشهود .
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن للأب أن يقوم بتوزيع أملاكه و أمواله جميعها أو بعضها على أولاده ذكورا وإناثا بالعدل، وإن كان بغير عدل فهو حرام في الراجح من أقوال العلماء، وقد أخذ مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين قرارا بحكم ذلك وتفاصيله، جاء في القرار رقم 77/3
(( تقسيم التركة حال الحياة
السؤال: هل يجوز تقسيم التركة على شكل بيع صوري، من قبل صاحب الملك، تحسباً من حصول خلافات مستقبلية بين الورثة؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
فإن البيع الصوري، أو ما يطلق عليه في الفقه الإسلامي بيع التلجئة أو بيع المواضعة هو: أن يتفق طرفا العقد على أنما يتكلمان بلفظ البيع عند الناس، ولا يريدانه، وهو عقد فاسد لا يترتب عليه أثر، ولا ينقل الملكية، ويبقى المبيع على ملك البائع، ويورث عنه شرعاً عند موته، ولا يجوز لأحمد المتعاقدين التمسك به، وتسجيل العقد الصوري والتصرف بعده بالبيع أو الهبة أو الوقف . . . تصرف غير صحيح شرعاً.
مع الإشارة إلى الفرق بين البيع الصوري في المفهوم الفقهي، وما تعارفه الناس في بلادنا، من إطلاق البيع الصوري على البيع الحقيقي المستوفي لشروطه وأركانه المتضمن لحيازة المشتري للمبيع، ولكن مع تنازل البائع عن حقه في الثمن، فهذا تصرف صحيح يكيف على أنه هبة.
أما بيع الأب لأبنائه في حياته بيعاً صورياً - بالمعنى الفقهي لا العرفي - خشية اختلافهم وتنازعهم في الميراث بعد موته لا يترتب عليه أثر شرعي لكونه عقداً فاسداً، ويبقى ملك البائع على المعقود عليه، وهو المبيع .... وبالتالي فإن الواجب هو توزيع التركة حسب الأصول الشرعية.
ولمالك المال حرية التصرف في ماله بيعاً وهبةً ووقفاً . . . حال حياته، ولكن ليس بيعاً صورياً، لفساد هذا البيع، ولما سيثير النزاع والشقاق بين الورثة والمشتري ( المعقود له بيعاً صورياً ) أو بين الورثة أنفسهم، خاصة إذا كان ذلك البيع بقصد الإضرار ببعض الورثة المحتملين مثل حرمان البنات، أو الزوجة، أو أحد الأبناء بعد موت المالك.
وللمالك أن يهب ماله لأبنائه في حياته، بحيث ينتقل ذلك المال إليهم، ولهم حرية التصرف فيه حال حياة والدهم الواهب، بشرط عدم الإضرار بأحدهم، أو محاباة بعضهم دون الآخرين، لأن ذلك ظلم محرم شرعاً، لقوله صلى الله عليه وسلم، في قصة النعمان بن بشير ( إني لا أشهد على جور ) ( رواه البخاري، كتاب الهبة، باب لا يشهد على شهادة جور ...).
وللأب تقسيم ماله بين أبنائه، ولذلك صورتان:
الأولى: تقسيم بعض ماله بين أبنائه، وهذه عطية - هبة - يراعى فيها التساوي لا فرق بين ذكر وأنثى، فلا يقع الظلم، لما ورد عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به إلى رسول الله، صلى الله عليه وسلم، فقال: ( إني نحلت ابني هذا غلاماً كان لي، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: أكل ولدك نحلته مثل هذا؟ فقال: لا، فقال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: فأرجعه ). ( صحيح مسلم، كتاب الهبات، باب كراهية تفضيل بعض الأولاد في الهبة )
الثانية: أن يقسم كل ما يملك، وللفقهاء رأيان:
الأول:أن يقسم المال على أساس الهبة/ العطية / النحلة، ويجب عليه العدل بين جميع أبنائه ذكوراً وإناثاً، وأن لا يسوي بينهم في العطية، ولا يحابي الذكور على حساب الإناث، أوي عطي بعض الأبناء أكثر من الآخرين، أو يحرم بعضهم من ذلك. لقول الرسول، صلى الله عليه وسلم: ( اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم) ( رواه البخاري، في كتاب الهبة، باب الإشهاد على الهبة).
الثاني: أن يقسم المال على أساس الميراث الشرعي، فيعطي كلاً منهم نصيبه في الميراث، ومن مات منهم انتقل نصيبه إلى ورثته.
ويرى مجلس الإفتاء الأعلى جواز تقسيم الوالد حال حياته، وتمام إدراكه جميع أمواله على أولاده - ورثته في حال موته - مراعياً كون ذلك التقسيم حسب الأنصبة الشرعية، وأن لا يكون فيه إضرار بالغير، كالدائنين، وأن يكون تصرفاً حقيقياً يتضمن نقل الحيازة من الوالد لأولئك الأولاد، وفي هذه الحالة، فإن تسجيل تلك الأموال بأسماء الأولاد تحت مسمى البيع يجوز، ويعد بيعاً تاماً ونافذاً طالما أعقبه حيازة الأبناء لتلك الأموال، وكونه بيعاً بدون ثمن لا يبطله، بل يعتبر من باب الهبة بالنظر إلى المقصد من العقد.
وننصح السائل وغيره من الآباء أن لا يقسموا أموالهم كلها في حياتهم، خشية أن يتخلى عنهم أبناؤهم ويتنكروا لهم، مما يجعلهم في ضيق، ومسألة الناس، علاوة على ذلك فإن الأب قد يحتاج إلى المال للزواج، مما قد يترتب عليه الإنجاب وفي هذه الحالة سيحرم الأبناء الجدد من ميراث أبيهم، مما يورث العداوة بين الأخوة، فسداً للذريعة، ودرءاً للمفسدة؛ ننصح الآباء بعدم تقسيم أموالهم كلها في حياتهم، في زماننا هذا الذي ازداد فيه الناس بعداً عن منهج الله سبحانه وتعالى.)) فإذا كانت القسمة عادلة فلكم أن تشهدوا وإن كانت غير عادلة فلا تشهدوا خاصة أن الموافقة قد تكون نشأت عن حياء أو خجل أو كانت مشوبة بالإكراه وعدم الرضا التام. والله أعلم.
هذا والله يقول الحق وهو يهدي السبيل