سؤال
رقم مرجعي: 752095 | مسائل متفرقة | 6 إبريل، 2022
كيفية التوبة الصحيحة.
من اراد ان يتوب من الرده او لنقول كافر اصلي ماهي الطريقه في استحضار النيه هل يحدث نفسه اريد ان اتوب إلى الله من الكفر مستحضر عظمة الله واني نادم ولن اعود وتمنيت اني لم اقع فيها علما عند استحضار النيه وتحديث النفس تعرض له امور كفريه ويكرر اعادة النيه مرار وتكرار . فماهي الطريقه الصحيحه ونصيحتكم . وماذا يستحضر وقت التوبه شكرا لكم
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن التوبة النصوح تتطلب استحضار النية الخالصة لله تعالى، حتى تكون مقبولة، كما ينبغي الإقلاع عن المعصية، والندم عليها، وقد جاء في موقع دار الإفتاء الفلسطينة من سائل يقول: كنت مسلما ملتزما بالإسلام فطرأ عليّ ما حولني إلى فاسق فاجر، وقمت بأعمال كثيرة من الكبائر، وقلت في كتاب الله بما لا يليق، وقد ارتددت عن الإسلام، والآن وبعد أن أحاطت بي ذنوبي صرت خائفا، وعدت إلى الله، سائلا توبته، وأصبحت خائفاً جداً، نرجو أن ترشدوني للوصول إلى توبة صادقة نصوحة .
فأجاب المفتي: الله تعالى في كتابه العزيز{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ ..}(النور:31) وقال سبحانه أيضا { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا ....}(التحريم :8) والتوبة معناها التخلي عن سائر الذنوب والمعاصي، وهي واجبة من كل ذنب، فإن كانت المعصية بين العبد وبين الله تعالى، فلها ثلاثة شروط، وهي:
أولها : أن يقلع العبد عن المعصية.
ثانيها : أن يندم على فعلها.
ثالثها : أن يعزم أن لا يعود إليها أبدا، فإن فقد أحد الثلاثة لم تصح توبته.
وإن كانت المعصية تتعلق بآدمي فشروطها أربعة، هذه الثلاثة، وأن يبرأ من حق صاحبها، فإن كان مالا رده إليه، وإن كان غيبة استحله منها، وإن كان حد قذف مكنه منه، أو طلب عفوه، وتستحب التوبة في كل يوم، فعن الأغر بن يسار المزني - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (يَا أَيُّهَا النَّاسُ تُوبُوا إِلَى اللَّهِ فَإِنِّي أَتُوبُ فِي الْيَوْمِ إِلَيْهِ مِائَةَ مَرَّةٍ)(صحيح مسلم ، كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار ، باب استحباب الاستغفار والاستكثار منه).
والله عز وجل شديد الفرح بتوبة عبده، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم( لَلَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ عَبْدِهِ الْمُؤْمِنِ مِنْ رَجُلٍ فِي أَرْضٍ دَوِّيَّةٍ مَهْلِكَةٍ مَعَهُ رَاحِلَتُهُ عَلَيْهَا طَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَنَامَ فَاسْتَيْقَظَ وَقَدْ ذَهَبَتْ فَطَلَبَهَا حَتَّى أَدْرَكَهُ الْعَطَشُ ثُمَّ قَالَ أَرْجِعُ إِلَى مَكَانِيَ الَّذِي كُنْتُ فِيهِ فَأَنَامُ حَتَّى أَمُوتَ فَوَضَعَ رَأْسَهُ عَلَى سَاعِدِهِ لِيَمُوتَ فَاسْتَيْقَظَ وَعِنْدَهُ رَاحِلَتُهُ وَعَلَيْهَا زَادُهُ وَطَعَامُهُ وَشَرَابُهُ فَاللَّهُ أَشَدُّ فَرَحًا بِتَوْبَةِ الْعَبْدِ الْمُؤْمِنِ مِنْ هَذَا بِرَاحِلَتِهِ وَزَادِهِ ) (صحيح مسلم ، كتاب التوبة ، باب في الحض على التوبة والفرح بها).
وباب التوبة مفتوح لا يغلق أمام أحد، ويقبلها الله عز وجل لعباده حتى تطلع الشمس من مغربها، فعن أبي موسى الأشعري - رضي الله عنه - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ حَتَّى تَطْلُعَ الشَّمْسُ مِنْ مَغْرِبِهَا)(صحيح مسلم ، كتاب التوبة ، باب قبول التوبة من الذنوب وإن تكررت الذنوب). ويقول أيضا (إِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ تَوْبَةَ الْعَبْدِ مَا لَمْ يُغَرْغِرْ)( سنن الترمذي، كتاب الدعوات عن رسول الله ، باب في فضل التوبة والاستغفار وما ذكر من رحمة ) يعني حتى الموت.
وهناك آيات وأحاديث تحث على التوبة والإسراع فيها، وأن باب الله مفتوح، لا يغلق، ويقبل سبحانه التوبة من العباد، فلا تقنط من رحمة الله تعالى، واعرف ربك في الرخاء يعرفك في الشدة. وقل دائما: "اللهم إن مغفرتك أعظم من ذنوبي، ورحمتك أرجى عندي من عملي" وافتح صفحة بيضاء جديدة مع الله، واسأله المغفرة فهو سبحانه غافر الذنب وقابل التوب، فحافظ على صلاتك وصيامك وعبادتك، وامتثل لأمر الله عز وجل، وابتعد عن معصيته، واهتدي بهدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإنه خير الهدي، وتذكر دائما الموت، واجعله نصب عينيك، فإنه هادم اللذات، فالدنيا وملذاتها مهما طالت فهي قصيرة ومحدودة، فالزم طاعة الله وتقواه، واستعن بالله، واحرص على ما ينفعك، ولا تعجز، ومن كان مع الله كان الله معه، وأوصيك خيرا بأهلك، وأولادك، وحافظ على دينك، وأحسن الظن بالله عز وجل، والله يوفقك، ويهديك إلى سواء السبيل، إنه نعم المولى ونعم النصير، وبالإجابة جدير.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل