سؤال
رقم مرجعي: 758399 | الميراث و الوصايا والوقف والأحوال الشخصية | 30 أغسطس، 2023
حكم ميراث الأحفاد الذين مات أبوهم قبل جدهم
توفي أبي قبل وفاة جدي بسنة ونصف تقريبا ، مع العلم أن جدي لم يطلب أن يرث أبي أخذ فقط مبلغ من المال من تركة أبي ولكن عندما توفي جدي قام أعمامي وعماتي بتوزيع ورثة جدي عليهم بدون علمنا وبدون إعطائنا أي شيء من ورثة جدي فهل نحن أبناء الولد المتوفي قبل أبيه نرث من جدي أم لا وإذا كنا نرث فما مقدار الارث الذي نرثه؟ وهل يجوز بمطالبة أعمامي وعماتي بالإرث! .
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن ميراث الأحفاد من جدهم، وقد مات أبوهم في حياته، فيه قولان للفقهاء؛ الحجب وهو رأي الجمهور، والإباحة وهو رأي بعض علماء السلف على أن يكون من الوصية، وقد أخذ القانون المعمول به في فلسطين بالقول الثاني، يقول سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية جوابا عن سؤال: ما حكم الوصيةالواجبة؟
(( ذهب جمهور العلماء من الحنفية والمالكية والشافعية والحنابلة إلى أنّ الوصية مستحبة في الأصل، وتجب على مَن عليه دين، أو عنده وديعة ولا بينة عليه، أو عليه حقّ مستحق لله كالزكاة، وذهب داود وابن حزم الظاهريان والزهري، وحكي عن مسروق وطاووس وإياس وقتادة وابن جرير وغيرهم من الفقهاء إلى أنّ الوصية واجبة للأقربين غير الوارثين [الموسوعة الفقهية الكويتية، 43/224-226]، وقد استدلّوا بقوله تعالى: ﴿كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ﴾ [البقرة: 180]، وبالخبر الوارد عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله، صلّى الله عليه وسلّم: «مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصَى فِيهِ يَبِيتُ ثَلاَثَ لَيَالٍ إِلاَّ وَوَصِيَّتُهُ عِنْدَهُ مَكْتُوبَةٌ» قَال ابْنُ عُمَرَ: مَا مَرَّتْ عَلَيَّ لَيْلَةٌ مُنْذُ سَمِعْتُ رَسُول اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَال ذَلِكَ إِلاَّ وَعِنْدِي وَصِيَّتِي [صحيح مسلم، كتاب الوصية، باب حدّثنا أبو خيثمة]، وقالوا: نسخت الوصية للوالدين والأقربين الوارثين وبقيت فيمن لا يرث من الأقربين، وقال الجمهور نُسخ الوجوب وبقي الاستحباب في حق مَن لا يرث، واستدلّوا بقوله، صلّى الله عليه وسلّم: «لَا وَصِيَّةَ لِوَارِثٍ» [سنن ابن ماجه، كتاب الوصايا، باب لاوصية لوارث، وصححه الألباني].
وقد أخذ قانون الأحوال الشخصية في كلٍ من مصر وسوريا والأردن بالوصية الواجبة، حيث قالوا برأي ابن حزم ومَن وافقه بوجوب الوصية للأقارب غير الوارثين، ولكنّ القانون عندنا أوجب الوصية للأحفاد(أولاد الابن) الذين توفى أبوهم حال حياة جدهم، إذ نصّ قانون الأحوال الشخصية الأردني لعام 1976م، في المادّة (182) على الأخذ بالوصية الواجبة، وخصّها بأولاد الأبناء دون أولاد البنات، فقال: إذا توفي وله أولاد ابن، وقد مات ذلك الابن قبله أو معه، وجب لأحفاده هؤلاء في ثلث تركته الشرعية وفق الضوابط الآتية:
1. الوصية الواجبة لهؤلاء الأحفاد تكون بمقدار حصة أبيهم من الميراث فيما لو كان حيًا، على أن لا يتجاوز ذلك ثلث التركة.
ب. لا يستحق هؤلاء الأحفاد وصية إن كانوا وارثين لأصل أبيهم جدًا كان أو جدة، أو كان قد أوصى، أو أعطاهم في حياته بلا عوض مقدار ما يستحقونه بهذه الوصية الواجبة، فإذا أوصى لهم بأقلّ من ذلك وجبت تكملته، وإن أوصى لهم بأكثر كان الزائد وصية اختيارية، وإن أوصى لبعضهم فقد وجب للآخر بمقدار نصيبه.
ج. تكون الوصية لأولاد الابن، ولأولاد ابن الابن وإن نزل، واحدًا كانوا أو أكثر للذكر مثل حظ الأنثيين، يحجب كل أصل فرعه دون فرع غيره، ويأخذ كل فرع نصيب أصله فقط.
د. هذه الوصية الواجبة مقدّمة على الوصايا الاختيارية في الاستيفاء من ثلث التركة.
وقد دعت الضرورة إلى هذه الوصية؛ لأنّه في بعض الحالات قد يموت الولد في حياة أبيه أو أمّه، ولو عاش إلى موتهما لورث منهما، ولكنّه مات قبلهما أو قبل أحدهما، فانفرد بالميراث إخوة المتوفى، وصار أولاده في فقر وحاجة، بينما أعمامهم يكونون في سعة من العيش، بسبب موت أبيهم المبكر، فكان من العدل والإنصاف إعطاء الأحفاد من حصّة أبيهم على ألّا تزيد عن الثلث، إلا بموافقة الورثة، والله أعلم.))
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل