سؤال
رقم مرجعي: 768471 | العقيدة | 2 يوليو، 2018
هل الحسد ثابت في الدين؟ وما حكم انكاره؟
السلام عليكم السؤال هو هل التشكيك في امر الحسد هو نوع من انواع انكار ما علم من اليدن بالضرورة اي انه يخرج صاحبه من الايمان الى الكفر انا اشكك في انه كيف لله العزيز الرحيم ان يلحق الاذى بشخص لمجرد امنية شخص اخر اتمنى الجواب وكل الاحترام
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
فإن الحسد بالإجمال ثابت بنص القرآن والسنة، وآثاره بالتفصيل وردت في السنة المطهرة الصحيحة؛ كما ألمح إليها الكتاب العزيز، ومما ورد في الحسد قوله تعالى:(( ومن شر حاسد إذا حسد)) [الفلق: الآية 5] ، ويقول الله تعالى في كتابه: ((أم يحسدون الناس على ما آتاهم الله من فضله فقد آتينا آل إبراهيم الكتاب والحكمة وأتيناهم ملكاً عظيماً فمنهم من آمن به ومنهم من صدّ عنه وكفى بجهنم سعيراً)) [النساء: الآيتان 54-55].
و من السنة ورد عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، ولا تقاطعوا، وكونوا عباد الله إخوانا، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث". رواه البخاري ومسلم، وروى أبو دواد في سننه عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إياكم والحسد، فإن الحسد يأكل الحسنات كما تأكل النار الحطب".
ومما يشير إلى آثار الحسد من القرآن: قوله تعالى عن يعقوب عليه السلام: ((وَقَالَ يَا بَنِيَّ لا تَدْخُلُوا مِنْ بَابٍ وَاحِدٍ وَادْخُلُوا مِنْ أَبْوَابٍ مُتَفَرِّقَةٍ) [يوسف:الآية 67] . قال العلماء: إن ذلك كان خوفاً عليهم من العين، وقد وصف الله يعقوب بعد ذكره لهذه المسألة قائلاً: ((وَإِنَّهُ لَذُو عِلْمٍ لِمَا عَلَّمْنَاه)) . وقوله سبحانه: ((وَإِنْ يَكَادُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَيُزْلِقُونَكَ بِأَبْصَارِهِمْ لَمَّا سَمِعُوا الذِّكْرَ وَيَقُولُونَ إِنَّهُ لَمَجْنُونٌ)) [القلم:الآية 51] .
ومن السنة: الحديث الذي رواه أحمد ومسلم: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين حق، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين" .و ما رواه أبو نعيم في الحلية وابن عدي بإسناد حسن عن جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "العين تدخل الرجل القبر، وتدخل الجمل القدر".
وعليه فإن إنكار الحسد الثابت في الكتاب والسنة و التشكيك فيه، مخرج من الملة والعياذ بالله؛ لأنه معلوم من الدين بالضرورة، أما إنكار آثارة الثابتة صراحة في السنة فهو سبب للفسق والفجور إلا أن يقصد به فاعل ذلك تكذيب النبي صلى الله عليه ووسلم، فإن تكذيبه كفر مخرج من الملة، فقد قرر الفقهاء: وكذلك يعتبر مرتداً من اعتقد كذب النبي صلى الله عليه وسلم في بعض ما جاء به.
و على المؤمن بربه ودينه أن يعلم أن كل ما في الكون من أقدار الله وأن تأثير الحسد لا يقع إلا بإرادة الله ، لكنه داء مما ابتلى الله به الناس حاسدين ومحسودين ، فلحكمة أرادها الله سبحانه أن يكون الحسد مؤثرا بإذنه، وأن يكون مدفوعا بالاستعاذة والدعاء والرقية بإذنه أيضا ، قال تعالى :(( نَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ)) [القمر:الآية 49] . كما أن الإنسان محاسب بمثل تلك الأمنية فيما لو تمنى قتل إنسان دون أن يقتله، فعن أبي بكرة نفيع بن الحارث الثقفي، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار" فقلت: يا رسول الله هذا القاتل؛ فما بال المقتول؟ قال: "إنه كان حريصاً على قتل صاحبه" رواه الشيخان وأبو داود والنسائي.
وخلاصة الأمر أن الحسد ثابت في الكتاب والسنة وأن العين حق، وعلى المسلم المؤمن أن يصدق بما ورد في الوحيين وأن يعمل بما ورد فيهما وأن يحذر من الشبهات والله المستعان.