هل حديث ((الجنه تحت أقدام الأمهات)) صحيح ؟ مع التوضيح.

إجابة

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على اشرف الخلق والمرسلين، وبعد:

فإن بر الوالدين من أهم الأمور التي حث الله سبحانه وتعالى عليها، وقرن بينها وبين عبادته؛ فقال تعالى: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ [الإسراء: 23]، وجعل عقوق الوالدين من الكبائر.
وأما حديث: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات»؛ فهو ضعيف بهذا اللفظ، ولم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم. وبيان ذلك على النحو الآتي:

- الحديث رواه ابن عدي في كتابه "الكامل في ضعفاء الرجال" من طريق موسى بن محمد بن عطاء: حدثنا أبو المليح، حدثنا ميمون، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأمَّهَات؛ مَن شِئن أدخلن، ومَنْ شِئن أخْرَجن». قال ابن عدي: موسى بن محمد المقدسي منكر الحديث.
- وورد بشطره الأول: «الْجَنَّةُ تَحْتَ أَقْدَامِ الأُمَّهَاتِ» من حديث أنس رضي الله عنه، برواية أبي بكر الشافعي في "الرباعيات"، وأبي الشيخ في "الفوائد"، والقضاعي، والدولابي، عن منصور بن المهاجر عن أبي النظر الأبار عن أنس رضي الله عنه مرفوعًا به، ومن هذا الوجه رواه الخطيب في "الجامع لأخلاق الراوي"، وذكره السيوطي في "الجامع الصغير". وقال الإمام المناوي في "فيض القدير" [قال ابن طاهر: منصور وأبو النظر لا يعرفان، والحديث منكر].
وإن كان الحديث بلفظه ضعيفًا، إلا إنه ورد حديث صحيح بمعناه؛ فروى ابن ماجه، والنسائي، وأحمد، والطبراني في "المعجم الكبير" بإسناد حسن، وصححه الحاكم، ووافقه الذهبي، وأقره المنذري، من حديث معاوية بن جاهمة: أنه جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقال: يا رسول الله، أردت أن أغزو، وجئت أستشيرك؟ فقال: «هل لك من أم؟» قال: نعم، قال: «فَالْزَمْهَا، فَإِنَّ الْجَنَّةَ تَحْتَ رِجْلَيْهَا»، وأما رواية ابن ماجه: فعن معاوية ابن جاهمة قال: أتيتُ النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقلت: يا رسول الله، إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال: «فارْجِعْ فَبَرَّهَا»، ثم أتيته من الجانب الآخر فقلت: يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة، قال: «وَيْحَكَ، أَحَيَّةٌ أُمُّكَ؟» قلت: نعم يا رسول الله، قال‏:‏ «فارْجِعْ فَبَرَّهَا»، ثم أتيته من أمامه فقلت‏:‏ يا رسول الله إني كنت أردت الجهاد معك أبتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة قال‏:‏ «وَيْحَكَ، الْزَمْ رِجْلَهَا، فَثَمَّ الْجَنَّةُ».
قال الإمام المناوي: [والمعنى أن التواضع للأمهات وإطاعتهن في خدمتهن وعدم مخالفتهن إلا فيما حظره الشرع سبب لدخول الجنة].
وبناءً عليه: فالحديث المذكور معناه صحيح، وإسناده ضعيف، يجوز الترغيب به لبر الوالدين وطاعتهما.
والله سبحانه وتعالى أعلم.