سؤال
رقم مرجعي: 780681 | الطهارة |
ما حكم قراءة القرآن من قبل الحائض والمحدث حدثاً أصغر؟
ما حكم قراءة القرآن من قبل الحائض والمحدث حدثاً أصغر؟
إجابة
أقسم الله تعالى على كرامة القرآن الكريم فقال سبحانه : "فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرآن كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون" الواقعة: 75-79
وفي هذا القسم توجيه للعباد بأن يعظموا القرآن ويوقروه ويتعاملوا معه بما يليق. قال الامام النووي – رحمه الله- أجمع أهل العلم على وجوب صيانة المصحف واحترامه .... ومن التحقير المحرم للكتاب إلقاؤه على الأرض ووضعه في مكان غير طاهر ومس المسلم له بيد نجسه ولا ينبغي أن يوضع فوقه ما يعلوه من أطعمة أو كتب ولا ينبغي أن يدخل به إلى بيت الخلاء إلا لضرورة.
وجمهور أهل العلم من المذاهب الأربعة على حرمة مس المحدث للمصحف سواء كان حدثاً أصغر أم أكبر. لقوله تعالى:" لا يمسه إلا المطهرون" . وقوله عليه الصلاة والسلام "لا يمس القرآن إلا طاهر. اسناده صحيح
وخالف ابن حزم الظاهري فأجاز المس للمحدث حدث أصغر أو أكبر ووافقه الإمام الشوكاني.
حكم قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر:
ذهب أغلب العلماء إلى جواز قراءة القرآن للمحدث حدثاً أصغر، ونقل النووي الاجماع على ذلك. واستدلوا بحديث ابن عباس في وصفه لمبيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ميمونة –ام المؤمنين والذي رواه البخاري- وفيه أن الرسول صلى الله عليه وسلم : قام من نومه عندما انتصف الليل أو قبله بقليل أو بعده بقليل فجلس يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ العشر آيات من خواتيم سورة آل عمران .. ثم ذكر وضوءه عليه الصلاة والسلام، وصلاته من الليل. قال ابن حجر في الفتح معلقاً على الحديث: فيه دليل على رد من كره قراءة القرآن على غير طهارة لفعل النبي –صلى الله عليه وسلم- وقراءة الآيات بعد قيامه من النوم وقبل أن يتوضأ.
قراءة الحائض للقرآن الكريم:
اختلف العلماء في جواز قراءة الحائض للقرآن عن ظهر قلب دون مس المصحف على قولين.
القول الأول: عدم الجواز وعليه اكثر العلماء من الحنفية والشافعية والحنابلة واستدلوا بحديث ابن عمر –رضي الله عنهما-الذي رواه الترمذي أن النبي –صلى الله عليه وسلم- قال "لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن ". وقد ضغف العلماء هذا الحديث. وقال أحمد شاكر: هو من قول ابن عمر.
القول الثاني: الجواز وقال به مالك وأحمد في رواية واختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وروي عن البخاري وابراهيم النخعي وابن عباس والطبري وابن المسيب والظاهرية وغيرهم. وافتى به الشيخ ابن باز-رحمه الله-
واستدلوا بأن الرسول –صلى الله عليه وسلم- بعث كتاباً الى ملك الروم وهو كافر يدعوه فيه إلى الإسلام وقد اشتمل الكتاب على آيات قرآنية ومنها قوله تعالى:
"قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم, ألا نعبد إلا الله.."
فإذا جاز للكافر مس القرآن وقراءته فالمسلم أولى أن يقرأه عن ظهر قلب ولو كان محدثاً حدثاً أصغر أو أكبر كالحائض.
-وكذا حديث السيدة عائشة –رضي الله عنها- الذي رواه مسلم وفيه :"أن رسول الله –صلى الله عليه وسلم- كان يذكر الله على كل أحيانه. والذكر نص عام يدخل في معناه قراءة القرآن.
-كما احتجوا بحديث السيدة عائشة لما حاضت في الحج. والذي رواه البخاري فقال لها الرسول صلى الله عليه وسلم:"اصنعي ما يصنع الحاج غير أنك لا تطوفي بالبيت حتى تطهري" .
ولا يخفى أن السماح لام المؤمنين أن تقوم بمناسك الحج غير الطواف يعني السماح لها بالذكر والدعاء . وهذه قد تشتمل على آيات من الذكر الحكيم. قال شيخ الاسلام: قراءة الحائض للقرآن لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم فيه شيء. غير الحديث المروي عن اسماعيل بن عياش وهو ضعيف.
وقال : ومعلوم أن النساء كن يحضن على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يكن ينهاهن عن قراءة القرآن كما لم يكن ينهاهن عن الذكر والدعاء..
قال ابن باز: لا حرج على الحائض والنفساء من قراءة كتب التفسير أو قراءة القرآن دون مس الصحف في أصح قولي العلماء.
وأرى رجحان القول الثاني: القوة أدلتهم ولما فيه من التيسير ورفع الحرج والمشقة التي جاءت به الشريعة والله أعلم.
مراجع:
1-صحيح البخاري كتاب الوضوء باب 16
2-صحيح مسلم
3-سنن الترمذي
4-المحلى لابن حزم 1/78
5-فتاوى شيخ الاسلام ابن تيمية 21/46.
6-ابن قدامة: المغني 1/144
7-النووي: المجموع 1/71
8-الشوكاني: نيل الأوطار 1/226
9-ابن حجر: فتح الباري 1/70