ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 788907 | العلاقة مع غير المسلمين | 6 فبراير، 2021

ما حكم عمل طبيب فلسطيني في مستشفى اسرائيلي يتعالج فيه الفلسطينيون والاسرائيليون معا؟

ما حكم عمل طبيب فلسطيني في مستشفى اسرائيلي يعد من أكبر مستشفيات إسرائيل يتعالج فيه الفلسطينيون والاسرائيليون معا

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن المداواة والمعالجة عمل إنساني، دلت التعاليم الدينية على مكانته وأهميته، والطبيب المسلم يقدم العلاج للمرضى سواء المسلمون أو غير المسلمين، طالما كان العمل منضبطا بأحكام الشرع الحنيف، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية: عندما كنت وإخوتي صغارًا كانت لدينا جليسة فلبينية، ثم عادت إلى بلدها وتزوجت، وصارت تراسلني من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، وسألتني عن أعراض تشعر بها، وشرحت لها سبب هذه الحالة المرضية، ووصفت لها الأدوية، المناسبة لحالتها، والأطعمة التي تفيدها لحالتها، لكنني أذكر أنها غير مسلمة، فهل عليّ إثم في مساعدتها والتواصل معها؟

فأجاب: ((

الأصل البر والإحسان إلى غير المسلمين إذا كانوا غير محاربين، ولم يؤذوا المسلمين، فالله تعالى يقول: ﴿لَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ * إِنَّمَا يَنْهَاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قَاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَأَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ وَظَاهَرُوا عَلَى إِخْرَاجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [ الممتحنة: 8-9]، وعَنْ أَسْمَاءَ بِنْتِ أَبِي بَكْرٍ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَتْ: « قَدِمَتْ عَلَيَّ أُمِّي وَهِيَ مُشْرِكَةٌ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَاسْتَفْتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قُلْتُ: وَهِيَ رَاغِبَةٌ، أَفَأَصِلُ أُمِّي؟ قَالَ: نَعَمْ صِلِي أُمَّكِ» [ صحيح البخاري، كتاب الهبة وفضلها والتحريض عليها، باب الهدية للمشركين]، والنبي، صلى الله عليه وسلم، يقول: «... فِي كُلِّ ذَاتِ كَبِدٍ رَطْبَةٍ أَجْرٌ» [ صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب رحمة الناس والبهائم].

وعليه؛ فلا حرج في مساعدة تلك المرأة ما دامت من غير المحاربين للمسلمين، والله تعالى أعلم)).

أما الضوتبط الواجب على الأطباء الالتزام بها، فقد نص قرار مجلس الإفتاء الأعلى 1/116 بتاريخ 17/4/2014 حول (( الضوابط الشرعية لكشف عورات المرضى أمام الطواقم الطبية، السؤال: ما الضوابط الشرعية لكشف عورات المرضى، أمام الطواقم الطبية، عند إجراء العمليات الجراحية الضرورية التي تمر في مراحل متعددة، منها التخدير، والتعقيم، والجراحة؟

الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

فبعد الاستيضاح عن بعض القضايا الطبية الخاصة بالسؤال من الوفد الطبي المنتدب عن نقابة الأطباء الفلسطينية، والذي حضر الجلسة؛ تبين أن كل عملية جراحية تحتاج في الغالب إلى طاقم من الأطباء، ومتخصصي التخدير، وعددٍ من الممرضين؛ هذا وإن كثيراً من المراكز الطبية في بلدنا تراعي الضوابط الشرعية، بعدم كشف العورة إلا للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وإن البعض قد يتساهل في هذا الأمر، مما يدعو إلى بيان الحكم الشرعي، والإيعاز للمسئولين في وزارة الصحة، وفي المستشفيات، والعيادات الطبية، لأخذ مزيد من الحيطة والحذر؛ تجنباً للوقوع في الإثم والمعصية، عند التهاون في حفظ العورات، ويرى المجلس الآتي:

أولاً: إن غض البصر، وحفظ الفرج، فرض على المؤمنين والمؤمنات، سواء أكان المسلم مريضاً، أم طبيباً، أم ممرضاً، أم زائراً للمستشفى، ذكراً كان أو أنثى، وذلك لقوله تعالى:  ﴿قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذلِكَ أَزْكى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما يَصْنَعُونَ* وَقُلْ لِلْمُؤْمِناتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ...﴾ [النور: 30 -31]، ولحديث أبي سعيد الخدري، رضي الله عنه، أن رسول الله، صلى الله عليه وسلم، قال: « لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ في ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ في الثَّوْبِ الْوَاحِدِ ».[صحيح مسلم، كتاب الحيض، باب النظر إلى العورات]

وعَنْ مُعَاوِيَة بن حَيْدَةَ، رَضِيَ الله عَنْهُ، قَالَ: «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَوْرَاتُنَا مَا نَأْتِي مِنْهَا وَمَا نَذَرُ؟ قَالَ: احْفَظْ عَوْرَتَكَ إِلَّا مِنْ زَوْجَتِكَ أَوْ مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ، فَقَالَ الرَّجُلُ: يَكُونُ مَعَ الرَّجُلِ، قَالَ: إِنِ اسْتَطَعْتَ أَنْ لَا يَرَاهَا أَحَدٌ فَافْعَلْ، قُلْتُ: وَالرَّجُلُ يَكُونُ خَالِيًا؟ قَالَ: فَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ يُسْتَحْيَا مِنْه« [سنن الترمذي، كتاب الأدب،  باب ما جاء في حفظ العورة، وحسنه الألباني].

ثانياً: إن نظر الطبيب والممرض ولمسهما للمريض تحكمه قواعد الضرورة، التي تدعو إلى حفظ النفس، وهي مستثناة من أصل المنع، بناء على الضوابط الشرعية الآتية:

  1.  عورة الرجل بين السرة والركبة، وعورة المرأة بدنها جميعه عدا الوجه والكفين؛ وذلك أمام الرجال، أما أمام النساء المؤمنات فما بين السرة والركبة.
  2.  الأصل أن تتولى علاج النساء طبيبات، وتقوم على تعقيم أجسادهن ممرضات، ويقوم على علاج الرجال أطباء ذكور، ويقوم على التعقيم والتحضير للعملية ممرضون رجال إلا إذا تعذر ذلك.
  3.  تجنب الخلوة عند علاج مريض من جنس آخر، فيجب أن يكون معهما زوج أو محرم، أو امرأة أخرى، أو ممرضة.
  4.  الأصل ألا يحضر العملية إلا من تدعو الضرورة لحضوره، مع مراعاة غض البصر ما استطاعوا، وتجنب النظر إلا إلى موضع العملية، وبغير شهوة.
  5.  تجنب كشف أي جزء من العورة من الرجل والمرأة أثناء العملية إلا ما تدعو له الضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، ولا تتعداها.

ثالثاً: ضرورة الفصل بين عمليات التخدير، والتعقيم، والجراحة، بحيث لا يحضر كل مرحلة إلا من يلزم لها من أفراد الطاقم.

رابعاً: يوصي مجلس الإفتاء الأعلى بتوسيع نطاق التوعية الخاصة بضرورة التزام الأطباء بقواعد الشرع الحنيف وأحكامه في ستر العورات، وعدم التساهل في أمر الله، عز وجل، ويوصي المسئولين في وزارة الصحة بضرورة وضع لوائح داخلية في المستشفيات، والعيادات الطبية العامة والخاصة، تنظم هذه المسائل، وتعمل على تنظيم الزيارات في المستشفيات، وعدم دخول الرجال على أقسام النساء، وضرورة استئذان الطواقم الطبية قبل دخولهم أقسام النساء.

والله أعلم.

 

و الله يقول الحق وهو يهدي السبيل

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة