سؤال
رقم مرجعي: 820730 | الميراث و الوصايا والوقف والأحوال الشخصية | 26 يوليو، 2022
هل تكاليف العزاء ( القاعة والمشروبات القهوة و الطعام والحلويات ) تسدد من تركة المتوفى . وشكرا
هل تكاليف العزاء ( القاعة والمشروبات القهوة والشاي تسدد من تركة ألمتوفى . وشكرا
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن ما يقدم في بيوت العزاء من مشروبات وضيافة لا يعد من الالتزامات المطلوبة من تركة الميت، وهو ينقسم إلى قسمين، قسم يحمل معنى الضيافة كالطعام والولائم والحلويات فهذا فيه كراهة شديدة وقد يصل إلى الحرمة لتعارضه مع الشرع ومع مناسبة الموت، وقسم لا يتعارض مع الشرع كتقديم الماء والقهوة ونحوهما مما درجت به العادة والعرف، فالقسم الأول لا يجوز فعله، وأما الثاني فيجوز على أن يكون على حساب من يقدمه من الأهل، ويجوز أن يكون من التركة إذا كان بموافقة الورثة وليس بينهم يتيم أو قاصر، لأنه ليس من أهل التبرع، ومثله القاعة، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين حفظه الله المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية عن حكم توزيع التمر في العزاء على المعزين بنية الصدقة،
فأجاب:
(( الأصل في الأشياء الإباحة ما لم يرد دليل يحرمها، وإن ما يحدث في بيوت العزاء من توزيع للتمر والماء والقهوة من العادات السائدة في بعض المجتمعات وليس من العبادات، وتلك العادة تفعل حسب أعراف الناس بما لا يتناقض مع الشرع، وتعد تكريماً من أهل الميت للمعزين الذين يأتون لمواساتهم ودعمهم، ولم يرد نهي عنها، بل النهي ورد عن صنع الولائم من قبل أهل الميت، وعد ذلك من النياحة، ويشترط لهذه الإباحة أن لا يشكل ما يوزع في بيوت العزاء ثقلاً وعبئاً مالياً مرهقاً للناس.
وبالنسبة إلى اعتبار ما يوزع في بيوت العزاء من الصدقات، فالصدقة تكون للفقراء دون الأغنياء، لقوله صلى الله عليه وسلم: «لَا تَحِلُّ الصَّدَقَةُ لِغَنِيٍّ، وَلَا لِذِي مِرَّةٍ سَوِيٍّ» [سنن أبي داود، كتاب الزكاة، باب من يعطي من الصدقة، وحد الغنى، وصححه الألباني].
وعليه؛ فإن تقديم التمر أو ما شابهه للمعزين لا حرج فيه، بشرط أن يكون مقدوراً عليه، ولا يرهق كاهل الفقراء، وأن لا يُعد جزءاً من متطلبات الجنائز، والله تعالى أعلم.))
وبنحو هذا صدر قرار مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين رقم 231/2013/16 قرار 1/110 بتاريخ 31/10/2013 جاء فيه (( أما فیما یتعلق بتقدیم الطعام والشراب وإقامة الولائم للقادمین للعزاء من طرف المصابین من ذوي المیت، فیرى المجلس كراهة ذلك؛ لأنه – وفق ما ذهب إلیه جمهور أهل العلم – خلاف السنة، لكونه من العادات التي استحدثت بعد رسول االله، صلى االله علیه وسلم، وأصحابه والسلف الصالح، بل تعد من النیاحة المنهي عنها شرعاً (( عن جريرِ بنِ عبدِ اللهِ البجَليِّ رضِيَ اللهُ عنه قال : كنَّا نعدُّ الاجتماعَ إلى أهلِ الميتِ وصنعةَ الطعامِ من النياحةِ)) [سنن ابن ماجه، كتاب الجنائز، باب ما جاء في النهي عن الاجتماع إلى أهل المیت وصنعة الطعام، وصححه الألباني، والأرناؤوط في تعلیقه على المسند].
فالأصل اتباع السنة النبویة بصنع الطعام لأهل المیت، إعانة لهم، وجبراً لقلوبهم؛ لانشغالهم بمصیبتهم عن إعداد الطعام لأنفسهم، وذلك لقوله، صلى االله علیه وسلم، حین بلغه نعي جعفر بن أبي طالب ((اصنعُوا لآلِ جَعفَرٍ طعامًا؛ فقد أتاهم ما يَشْغَلُهم، أو أمْرٌ يَشْغَلُهم ))[سنن أبي داود، كتاب الجنائز، باب صنعة الطعام لأهل المیت، صححه أحمد شاكر، وحسنه الألباني والأرناؤوط]
وبناء علیه؛ فإن المجلس یرى أنه لا حرج على أهل المیت أن یجلسوا للعزاء، مع كراهة تقدیم الطعام، ولا سیما إذا كان من مال المتوفى الذي هو حق لورثته دون غیرهم، وإذا رغبوا في التصدق عن میتهم، ففي الوقت متسع، وباب الصدقة مفتوح على أن یتم ذلك في غیر الأوقات المحددة للعزاء. ))
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل