ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 833850 | قضايا طبية معاصرة |

الحكم الشرعي في الانجاب الصناعي عن طريق استجلاب مني الأسير؟

الحكم الشرعي في الانجاب الصناعي عن طريق استجلاب مني الأسير؟

إجابة

  حفظ النسل من المقاصد الكبرى للشريعة الاسلامية، وطريق ذلك الاتصال الجنسي بين الزوجين بصحيح العقد الشرعي، حفظاً للأنساب من الهدر والضياع. وعند عدم القدرة على الإنجاب بطريق الاتصال الطبيعي والمعتاد لعذر ما، فقد أباح الشرع الإنجاب بطريق التلقيح الصناعي بقيود وشروط، وهذه طريقة حديثة في الاستيلاد قد يُلجأ إليها حال تعذر الحصول على الذرية بطريق التلقيح الطبيعي.
وقد بحث الفقهاء المعاصرون-وبشكل مستفيض- هذه المسألة في المجامع الفقهية والندوات والأبحاث العلمية، وبمشاركة أطباء مختصين، وبينوا فيها ما يحل وما يحرم من صور الانجاب الصناعي، ويتم التلقيح بطريقتين:
الأولى:  حقن ماء الرجل في مكان مناسب من رحم أو مهبل الزوجة وهذا ما يسمى التلقيح الداخلي. وعند الفقهاء يسمى الاستدخال.
الثانية:   أن يتم تلقيح نطفة الرجل مع بويضة الأنثى في أنبوب خارجي، ثم ينقل الى رجم المرأة، وهذا ما يسمى التلقيح الخارجي. أو طفل الأنبوب.

وقد اختلف الفقهاء في مسألة الانجاب عن طريق التلقيح الصناعي-إذا كان كلا المائين من الزوجين- على أربعة أقوال:
القول الأول:    الجواز في حال كون الماء الملقح من الزوجين، ودون وجود طرف ثالث، وهو رأي أغلب العلماء المعاصرين وعليه قرار المجمع الفقهي الاسلامي المنعقد في عمان 12صفر سنة 1407هـ.

والمحظور الشرعي الذي يكمن في هذه الطريقة هو انكشاف عورة المرأة، وعقب الشيخ الزرقاء على ذلك بقوله: ويمكن اغتفار هذا الانكشاف الضروري رعاية لمصلحة الانجاب.
قلت: وعند القول بالجواز يجب أن يلحظ أن الضرورة تقدر بقدرها، سواء أكان ذلك بالانكشاف أو الاستيلاد.
القول الثاني:    الجواز، إذا كان أحدهما طبياًيقوم بعملية التلقيح بنفسه، خشية انكشاف العورة على الأجنبي أو الغش في الماء وضياع النسب.
القول الثالث:    التوقف والنظر في كل حالة بحسبها، ولا يفتي بالجواز على العموم، خشية فتح باب فوضى الانساب، وهو محرم. لقوله عليه الصلاة والسلام: (لا توطأ ذات حمل حتى تضع)
القول الرابع:    المنع مطلقاً، وعلى الزوج أن يصبر ويترك الأمر لله عز وجل، أو يسعى للزواج بثانية وثالثة حتى ينجب، قاله الشيخ صالح الفوزان، لأن الاطباء لا يؤتمنون على أنساب الناس، فقد يغشون في خلط الماء لإنجاح العملية طلباً للشهرة والربح المادي.

المصالح والمفاسد المترتبة على عملية التلقيح الصناعي:
أولاً:    المفاسد الظاهرة من التلقيح الصناعي.
-الخوف من اختلاط الانساب، إما بالخطأ أو تعمد ذلك من بعض الاطباء، طمعاً في الشهرة والمال من وراء انجاح العملية لعدم توفر الأمانة والعدالة الكافية عند بعضهم.
-الخوف من التشهير بالسمعة، ومس العرض والشرف، بسبب ضعف الوعي في ثقافة الانجاب الصناعي عند بعض الناس.
- انكشاف العورة على الاجنبي.
ثانياً:    المصالح المرجوه من عملية التلقيح الصناعي:
    - إشباع رغبة الانسان الفطرية في الإنجاب وعدم الخشية من فوات نسله.
-إنشغال الزوجة بتربية الأولاد يعينها على الصبر وتحمل ألم الفراق (خاص بزوجة الأسير).
    -رفع معنويات الأسير باستبقاء نسله.
    - نكاية العدو لمحاولته منع ذلك بكل الوسائل.


الرأي الراجح:
1-عند التعارض بين المصالح والمفاسد تقدم المفاسد، للقاعدة الشرعية: درء المفاسد أولى من جلب المصالح، لأن اعتناء الشارع بالمنهيات أشد من اعتنائه بالمأمورات، واذا كانت المصلحة أعظم وأظهر من المفسدة فهي معتبرة عندئذ.
وأرى بأن ميزان المصالح يترجح على المفاسد في هذه المسألة، لإمكانية تلاقيها بالتمسك بكل وسائل الحيطة والحذر لمنع وقوع الأخطاء عند التلقيح، واعتماد الاطباء الثقات العدول المؤتمنين لإجراء العمليات،ويمكن زيادة الوعي الثقافي لدى الناس وتوعيتهم لهذا النوع من الإنجاب.
2-كما أن المقاصد الحسنة معتبرة ما لم يخالفها مانع شرعي (والمانع في هذه المسألة هو كشف عورة المرأة أمام الأجنبي) والذي قد يُتجاوز للمصلحة والضرورة، فالحاجة تنزل منزلة الضرورة كما هو مقرر عند الفقهاء.
لذلك يمكن القول بجواز الانجاب عن طريق الأنبوبباستجلاب مني الأسير وذلك بالشروط التالية:
1-أن يكون الماء من كلا الزوجين وأن تكون الزوجية ما زالت قائمة بينهما فيحرم القيام بهذه العميلة بعد الموت أو الفسخ أو الطلاق.
2-موافقة الزوجين ورضاهما (ويفضل عدم ممانعة الأهل أيضاً).
3- حضور الزوج عملية التلقيح، وفي حال الأسير شهود مجموعة من أهل الزوجين ومن قرابة الدرجة الأولى.
4-اشهار عملية الانجاب بهذه الطريقة بين أبناء البلد.
5-عدم وجود وسيلة أخرى للعلاج.
6-ألا يُصار الى طبيب معالج إلا عند تعذر وجود طبيبة مختصة.
7-أن تكون الزوجة مدخولاً بها بخلاف غير المدخول بها(لأنها عنذئذ تكون مخطوبة في عرف الناس وليست زوجة ،إذ إن حمل غير مدخول بها بهذه الطريقة فيه محاذير كثيرة أرى من الأوجه سد هذا الباب)
8- يمنع الاحتفاظ بمني الزوج بعد التلقيح منعاً باتاً.
9- عدم وجود ذرية للأسير، أو ذكور،والا فلا يجوز، لتحقق المقصود، حيث أجيزت للضرورة، والضرورة تقدر بقدرها، وقدر الضرورة يتحقق بأقل الانجاب وهو الولد ولمرة واحدة.
10-أن لا تكون العملية بواسطة أطباء يهود أو في مراكز علاج يهودية.
11-أن لا يسمح للأسير الخلوة بزوجته، ويتعذر اجتماعه بها.
12-أن تكون المحكومية عالية، أو نسبة مدة المحكومية الى عمر أحد الزوجين يخشى معه على أحدهما فوات القدرة على الانجاب.
13-أن يكون المركز الطبي مرخصاً قانونياً.
14-اتلاف الحيوانات المنوية المتبقية بعد نجاح عملية الانجاب.


ينظر المراجع التالية:
1-قواعد الأحكام – للشيخ العز بن عبد السلام
2-الموافقات للإمام الشاطبي الجزء الثاني
3-القواعد الفقهية –للشيخ أحمد الزرقا. القاعدة 29، 31.
4-التلقيح الصناعي – طفل الأنبوب للشيخ مصطفى الزرقا
5-مجلة المجمع الفقهي الاسلامي
6-الحديث رواه صاحب المعجم الأوسط 2/276

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة