ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 867320 | الأيمان والنذور | 5 مايو، 2019

ما حكم اليمين المتكررة والحنث فيه؟

السلام عليكم ورحمه الله صدف في الماضي انه كنت احلف يمين كنت اقول فيه : والله ما رج ادخن دخان من هون لشهر ولا مره ولكن ارجع وادخن مره مرتين خلال هاد الشهر , وبعد فترة احلف نفس اليمين مشان احاول انه الزم حالي انه ما اعمل هالشي , ولكن ما كنت التزم وارجع ادخن تكرر هاد الشي اكثر من 10 مرات شو كفارة ايماني هاي ؟

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن التدخين من الخبائث التي ينبغي تنزه المسلم عنها وتركها، وهو محرم عند كثير من أهل العلم أو مكروه تحريما، بمعنى يجب تركه عند عامة العلماء المعاصرين، ولا يحتاج إلى يمين لتركه، فإذا ما حلف المسلم على تركه وجب عليه الالتزام بيمينه، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية من سائل قال: ما حكم وضع يدي على المصحف، وحلفي يميناً على ترك تدخين الشيشة، حيث أنني تركتها مدة ستة أشهر، لكني لا استطيع الاستمرار في ذلك؟  فأجاب: (( اتفقت الهيئات العلمية والمراكز الطبية والصحية على مدى تأثير التدخين على جسم الإنسان، وأثبتت هذه الهيئات والمؤسسات أنه سبب رئيس في الإصابة بكثير من الأمراض الخطيرة؛ منها سرطان الرئة، وتليف الكبد، وعليه؛ فقد ذهب معظم العلماء إلى تحريمه، ووجوب الإقلاع عنه؛ لأن الإسلام أحل الطيبات، وحرم كل خبيث وضار، فقد قال الله تعالى: ﴿وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ﴾ [الأعراف: 157]، ورسول الله، صلى الله عليه وسلم، يقول: «لاَ ضَرَرَ وَلاَ ضِرَارَ» [مسند أحمد، مسند بني هاشم، مسند عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، عن النبي، صلى الله عليه وسلم، وصححه الألباني].

فإن كان التدخين محرماً فلا يجوز للمسلم ارتكاب المحرمات، وإن كان مكروهاً، فهو من الشبهات التي أمرنا الشرع باجتنابها، فقد قال رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ الْحَلاَلَ بَيِّنٌ، وَإِنَّ الْحَرَامَ بَيِّنٌ، وَبَيْنَهُمَا مُشْتَبِهَاتٌ، لاَ يَعْلَمُهُنَّ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ، فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهَاتِ، اسْتَبْرَأَ لِدِينِهِ وَعِرْضِهِ، وَمَنْ وَقَعَ فِي الشُّبُهَاتِ، وَقَعَ فِي الْحَرَامِ، كَالرَّاعِي يَرْعَى حَوْلَ الْحِمَى يُوشِكُ أَنْ يَرْتَعَ فِيهِ، أَلاَ وَإِنَّ لِكُلِّ مَلِكٍ حِمًى، أَلاَ وَإِنَّ حِمَى اللَّهِ مَحَارِمُهُ» [صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب أخذ الحلال وترك الشبهات]، ثم إن الحلف على المصحف على ترك التدخين، يزيد اليمين تغليظاً وتعظيماً وتأكيداً على لزوم تركه، وعليه؛ فيجب على من حلف بالله تعالى على ترك تدخين الشيشة أن يُلزم نفسه بتركه، وأن يبر بيمينه، فالله تعالى يقول: ﴿وَلَا تَنْقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا﴾ [النحل: 91]، فلا يعذر الإنسان بحجة أنه لا يستطيع ترك التدخين؛ لأن الانقطاع عنه ممكن في العادة مع العزيمة القوية، والإصرار، وبما أنك انقطعت عنه مدة ستة أشهر، فبإمكانك أن تكمل ذلك، خصوصاً وأن التدخين يُعد ذنباً، والإقلاع عنه توبة من هذا الذنب.
أما في حال الرجوع إلى التدخين وعدم البر بيمينك، فعليك أن تكفر عن يمينك، بإطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، فإن لم تستطع فصيام ثلاثة أيام، لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ﴾ [المائدة، 89]، والله تعالى أعلم.)) وبالنسبة لتكرار الأيمان فإذا كانت تباعا من غير حنث بينها فإنها تتداخل بكفارة واحدة، لكن إن حلفت يمينا أو أكثر ثم حنثت ثم حلفت فحنثت وهكذا، فإن عليك كفارات بعدد الحنث الوارد بعد كل يمين، قال سماحة المفتي في الأيمان المتكررة: (( الأصل أن يتجنب المسلم الإكثار من حلف اليمين، لقوله تعالى: ﴿وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ﴾ [البقرة: 224]، كما أن الله سبحانه وتعالى ذم الإكثار من حلف اليمين، فقال: ﴿وَلَا تُطِعْ كُلَّ حَلَّافٍ مَهِينٍ﴾ [القلم: 10].

واليمين على ثلاثة أقسام:
1- الغموس، وهو اليمين التي يحلفها على أمر ماض كاذباً عالماً، وسميت بالغموس؛ لأنها تغمس صاحبها في النار، والعياذ بالله.
2- اللغو، أي بدون قصد، أو كان على شيء ظن أنه صحيح، ثم تبين له عكس ذلك، فليس عليه كفارة باتفاق جمهور الفقهاء، لقوله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ﴾ [المائدة: 89].
3- المنعقدة، وهي التي تكون عن قصد ونية وعزم سابق، كأن يقول: "والله لا أكلم فلاناً"، فإذا كان الحلف باليمين منعقداً على أمر واحد، وتكرر اليمين مرات عدة على الأمر نفسه، فتجب على الحانث به كفارة واحدة، كما جاء في قول الله تعالى: ﴿لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ﴾ [المائدة: 89].
وإذا كانت اليمين منعقدة على أمور عدة، كأن يقول: "والله لا آكل، والله لا أكلم فلاناً، والله لا أزور فلاناً"، فقد ذهب الحنفية والمالكية والشافعية أنه تجب على الحالف لكل يمين كفارة.
وعليه؛ فيجب على السائل في هذه الحالة كفارة واحدة؛ لأن حنث اليمين كان في أمر واحد، وإذا تعددت الأيمان على أشياء مختلفة فإن الكفارات تتعدد، وإذا أخرج الكفارة ثم حنث بيمينه عن الشيء نفسه مرة أخرى، يلزمه كفارة أخرى، والله تعالى أعلم.)) ويبقى شرب الدخان غير مشروع.

 


والله يقول الحق وهو يهدي السبيل
 

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة