سؤال
رقم مرجعي: 906065 | قضايا الأسرة و الزواج | 16 نوفمبر، 2023
هل التذمر من الوالدين بعد خرفهمها يدخل في باب العقوق؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته قبل وفاة والدتي كانت فاقدة للذاكرة لا تعقل شيء وتشق علينا أحيانا حتى نضطر إلى إغلاق الغرفة عنها لأنها تريد الهروب وتقول سأذهب إلى بيتى وأسألك سؤال وتكرره عديد المرات ونعطوها الأكل وبعد ما تأكل تقول لم نأكل شيء لأنها تنسى ونغظب أحيانا ونتظمر من أفعالها الغير إرادية فهل هذا من العقوق لأننا لم نصبر فهي ماتت الآن رحمها الله وأنا منذ وفاتها بقي عندي خوف كبير وصدمة نقول في نفسي سندخل النار بسبها فبمذا تنصحوني وجزاكم الله خيرا
إجابة
أوصى الله تعالى بالوالدين في أكثر من موضع، ومن ذلك قوله تعالى: (وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً)
وقال تعالى: (وَقَضى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُوا إِلاَّ إِيَّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْسانًا إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُما أَوْ كِلاهُما فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما وَقُلْ لَهُما قَوْلًا كَرِيمًا* وَاخْفِضْ لَهُما جَناحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا).
ثم ضيق الأمر في مراعاتهما حتى لم يرخص في أدنى كلمة تنفلت من المتضجر مع موجبات الضجر ومقتضياته، ومع أحوال لا يكاد يدخل صبر الإنسان معها في استطاعة.
فالابن مأمور بأن يستعمل معهما لين الخلق، حتى لا يقول لهما إذا أضجره شيء منهما أف، فضلا عما يزيد عليه، وقد أوصى الله بهما أبلغ ما تكون الوصية، حيث افتتحت الآية بأن قرن الله الإحسان إليهما بتوحيده.
وخفض الجناح يتطلب فرط رحمتك لهما، وعطفك عليهما، لكبرهما وافتقارهما إليك كما كنت بالأمس رضيعا أفقر خلق الله إليهما.
إن عدم الارتياح والضجر القلبي من بعض التصرفات التي تصدر عنهما لا يوجب لك العقاب فهذا أمر فطري تتفاوت فيه النفوس، لكنه قد ينقص من الثواب بشرط أن لا يقترن مع الضجر القلبي بتلفظ قولي أو إضرار فعلي، وما ذكرته عن حبسها فهذا من مقتضيات برها رأفة بها إذا لم يترتب على الحبس تقصير بها وإهمال لها.
وعلى كل حال لم يبق لك بعد وفاتها إلا وصية الله تعالى لك بالدعاء لها: " وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيرًا)، فقد ذكر بعض المفسرين أن الدعاء هنا مختص بالأبوين أي بعد الوفاة. والإكثار من الصدقة عنها.