سؤال
رقم مرجعي: 962850 | قضايا الأسرة و الزواج | 12 أغسطس، 2025
لماذا لم يأمر الله الآباء ببر الأبناء كما أمر الأبناء ببر الآباء؟
لماذا لم يأمر الله الآباء ببر الأبناء كما أمر الأبناء ببر الآباء. بحثت كثيرا عن إجابة، ولم اجد غير حجة واهية يتحجج بها جميع المفتيين وهي ان فطرة الآباء العناية بابنائهم. وهذا الادعاء خاطئ جملة وتفصيلا، عدد الآباء المعنفين، المسيئين، المستغلين، المقصرين ليس نادرا، ليس قليلا، ومعظمهم يستغل الدين لظلم ابنائهم وذلهم. الطفل الذي يعامل معاملة سيئة يؤثر ذلك على حياته كلها، ويشوه تفكيره ويؤثر على جميع قراراته الحياتية، ومنها معاملته لوالديه. بينما الآباء اشخاص بالغون، مسؤولون عن انفسهم، وحتى اذا كانوا مستضعفين في نهاية عمرهم، فذلك لن يؤثر على كل حياتهم. لا توجد غير وصايا رسل لابنائهم، لكن لا اوامر واضحة مثل اوامر بر الوالدين، كيف هذا عدل؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين:
بداية .. ليس دقيقاً بأن الله تعالى لم يأمر الىباء ببر الأبناء، فهناك أوامر شرعية واضحة، تدل على وجوب قيام الآباء بواجباتهم تجاه الأبناء وإن لم تأتِ بصيغة "بر الأبناء"، لكنها جاءت بصيغة، ومن ذلك:
1) الحث على النفقة والرعاية: قال تعالى: "وعلى المولود له رزقهن كسوتهن بالمعروف" (البقرة: 233)
2) التربية الصالحة: قال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا" (التحريم: 6) وهذا أمر مباشر للأباء والأمهات بحماية أولادهم من الضياع الديني والأخلاقي.
3) العدل بين الأبناء: قال ﷺ: "اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم" (متفق عليه)
4) التحذير من الإهمال والإساءة: قال ﷺ: "كفى بالمرء إثمًا أن يضيّع من يقوت" (رواه أبو داود).
ولكن لماذا التركيز الأكبر في القرآن على بر الوالدين؟
ليس أن الله أهمل حق الأبناء أو اعتبره غير مهم، بل لأن الأصل في الفطرة أن الآباء يميلون لحماية أبنائهم ورعايتهم (لكن نعم، هناك استثناءات كثيرة ومؤلمة كما ذكرتِ). بينما ميل الأبناء نحو الآباء عند الكِبر ليس قويًا بالفطرة، خصوصًا مع انشغالهم بحياتهم، لذا جاء التركيز القرآني لتأكيد حق الوالدين عند الضعف والعجز.
لكن هذا لا يعني أن القرآن أعطى الآباء حصانة من المحاسبة، بل النصوص واضحة في أن أي والد يسيء إلى أبنائه فهو آثم شرعًا. خاصة إذا وصل الأمر إلى الظلم من قبل الوالدين. قال ﷺ: "إن الله حرم الظلم على نفسه، وجعله بينكم محرما"
والوالد الظالم سينال جزاءه. ثم إنّ بر الوالدين ليس طاعة في المعصية، فإذا أساء الأب أو الأم، فإنه لا يجب طاعتهما في الباطل، بل يُعاملان بالمعروف دون قبول الظلم.
والله أعلم