سؤال
رقم مرجعي: 994065 | المعاملات المالية المعاصرة |
ما حكم بيع سلعة من خلال الموقع الإلكتروني بطريقة المزاد؟
صياغة فتوى بيع سلعة من خلال الموقع الإلكتروني بطريقة المزاد؟
إجابة
سبق لمجلس الإفتاء الأعلى أن أصدر فتوى تحت رقم 1/79، خاصة بالمزادات الإلكترونية، والتي تعني المناداة على السلعة بوسائل تقليدية أو إلكترونية، فيزيد بعضهم على بعض في الثمن، ثم يستقر البيع على من يعرض أعلى سعر، وبينت الفتوى أن الفقهاء أجمعوا على جواز هذا البيع إذا تحققت شروطه وضوابطه الشرعية استثناء من (بيع الشراء على شراء أخيه والسوم على سوم أخيه) الذي نهى عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: "لا يبع بعضكم على بيع أخيه ولا يسوم على سوم أخيه" (رواه الشيخان)، واستدلوا على ذلك بما ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه باع قدحاً وحلساً لمن يزيد (رواه الترمذي وحسنَّه)، كما أن المسلمنن باعوا في أسواقهم بالمزايدة- ومازلوا من غير نكير- على أن يتم ذلك بشروط وضوابط نص عليها الفقهاء ومنها
1- أن تكون السلعة المباعة مما يباح التعامل بها شرعا.
2- ضمان حرية المزايدة من المشاركين في المزاد، وعدم تقييد ذلك بمقابل مادي،
3 - أن لا يقصد منه إلحاق الضرر بالبائع أو بالمشارك كالنْجش، حيث يلجأ أحد المشاركين إلى زيادة سعر السلعة دون أن يكون لديه نية لشرائها، وذلك على سبيل الخداع والتغرير، وحفز المشاركين الآخرين وإغرائهم بالزيادة في عروض أسعارهم، جاء في الصحيحين عن ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن النَّجش، وكذا (البخس)، أو ما يسميه بعضهم (النجش العكسي)، ويعنى: تواطؤ بعض المتنافسين المشاركين في المزاد، واتفاقهم على ترك المزايدة في لحظة معينة لصالح أحد الراغبين في الشراء ليرسو عليه المزاد بسعر ضئيل؛ وهذا من أنواع الغش والتحايل وأكل أموال الناس بالباطل (أنظر: خالد بن عبد العزيز السيد، أحكام المزاد في الفقه الإسلامي، ص: 233).
ويباح لصاحب المزاد أخذ مبلغ محدد ومقطوع لقاء تزويد المشارك بكراسة الشروط التي يقوم عليها المزاد، وهي غير مستردة لأنها ثمن للكراس ونفقات التعاقد، على أن يكون المبلغ في حدود التكلفة الفعلية لهذه الكراسة ولا يتجاوزها، كما يجوز أخذ ضمان مالي محدَّد ممَّن يرغب في دخول المزاد والمشاركة فيه، على أن يحسب من الثمن حال رسو العطاء على من فاز به، ويردُّ على من لم يرسُ عليه العطاء، كي لا يندرج في دائرة القمار المحرم.
وبالنظر إلى فكرة المزاد التي ينوي أصحاب السؤال إقامة موقعهم الإلكتروني على أساسها، سنجد أنها تقوم على عرض سلعة للبيع بالمزايدة بسعر لا يزيد عن 10% من سعرها الأصلي، فإذا كان السعر الأصلي (100) دينار مثلاً؛ فإنها تعرض على المشاركين في المزاد بسعر (10) دنانير، وتتم المزايدة بتخصيص عدد محدد من المزايدات لكل مشارك فيه، حيث يخصم رسم اشتراك يحدده المنظمون لقاء كل مزايدة منها، وتؤول المبالغ المستوفاة من هذه الرسوم مهما بلغت قيمتها لصالح منظمي المزاد.
ومن الطبيعي أنه كلما زاد عدد المشاركين في المزاد كلما ازداد ريع الرسوم التي يدفعونها، ثم تباع السلعة إلى آخر من يرسو عليه المزاد، وغالباً ما يكون سعرها الذي أغلق عنده المزاد أقل بكثير من سعرها الأصلي، وبالتالي فإن المنظمين لا يخسرون؛ لأن مكسبهم مصدره رسوم المشاركين في المزاد، وأجرة المكالمات والرسائل الإلكترونية التي يبعثها المشاركون إضافة إلى أجور الإعلانات والدعايات التي تنشر على الموقع للشركات و المؤسسات المختلفة.
وهذه الصورة المستخدمة في المواقع الإلكترونية ليس فيه معنى المزاد الشرعي وهي مخالفة لشروطه وضوابطه المعتبرة عند الفقهاء. بل انه نوع من انواع بيع القمار المحرم بالكتاب والسنة والإجماع؛ لأن المشترك إما أن يربح ويحصل على السلعة بثمن بخس، أو تفوته المزايدة فيخسر، ويضيع عليه ما دفعه من مبالغ بلا مقابل، والأمر برمته لا يخلو من التحايل والتغرير الذي يقصد منه جمع الأموال الطائلة بصورة غير مشروعة، وأكل أموال الناس بالباطل، لأن المشارك في المزاد يُلزم بدفع رسوم غير مستردة، وزائدة عن التكلفة الحقيقية بعد كل عرض جديد يقدمه كي يظفر بالسلعة التي يرغب فيها، وهذا ما يدخله في دائرة الميسر المحظور شرعاً.
ومما يؤكد ذلك أن أصحاب الفكرة يصرحون بأن أرباحهم ليست من البيع والشراء بطريق المزايدة؛ وإنما من الإعلانات والمشاركات والدعايات والزيارة للموقع. وعلى هذا فإن بيع المزاد الشرعي منتفٍ من هذه الصورة، بل إن فيه من الجهالة والمخاطرة والغرر ما يجعله محظوراً شرعاً. ولهذا نتوجه إلى أصحاب السؤال ناصحين بضرورة الابتعاد عن هذه المزادات وتجنبها.