دعم الموقع - تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 120383 | المعاملات المالية المعاصرة | 18 يونيو، 2019

حكم الإرث من شخص يعمل في البنك. وهل يجوز لزوج ابنته منع ابنته من الميراث منه؟

ما حكم الإرث من شخص يعمل في البنك وان جميع ممتلاكته تم شراؤها وهو يعمل في البنك وهل يجوز لزوج ابنته منع ابنته من الميراث منه إذا كان حراماً ؟

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن الربا من كبائر الذنوب، ولا يحل للمسلم أن يكون طرفا في أي عملية ربوية آكلا أو موكلا أو شاهدا أو كاتبا أو مسهلا أو كافلا، فإن حصل الموظف على أجرة مقابل أي عمل من هذه الأعمال كان مالا محرما، وقد سئل سماحة الشيخ محمد أحمد حسين المفتي العام للقدس والديار الفلسطينية حفظه الله عن حكم الانتقال للعمل في بنك ربوي مع أن السائل يعاني من ضغوطات مالية كبيرة يقول: أنا موظف تكنولوجيا معلومات أعمل في بنك إسلامي منذ فترة طويلة، وقد عرضت عليّ فرص عمل ممتازة في بنوك تجارية، ولكن رفضتها لتحري العمل الحلال، والآن أعاني من ضغوط مادية، والتزامات كثيرة تؤثر على حياتي بشكل كبير، فما حكم الانتقال إلى العمل في أحد البنوك التجارية في مجال العمل نفسه؟ فأجاب سماحته: (( إنَّ الربا محرم بالكتاب والسنة والإجماع، فالله تعالى يقول: ﴿الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا لَا يَقُومُونَ إِلَّا كَمَا يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطَانُ مِنَ الْمَسِّ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا...﴾ [البقرة: 275]، والربا من الكبائر، ومن السبع الموبقات، لقول رسول الله، صلى الله عليه وسلم: «اجْتَنِبُوا السَّبْعَ الْمُوبِقَاتِ، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ؛ وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: الشِّرْكُ بِاللَّهِ، وَالسِّحْرُ، وَقَتْلُ النَّفْسِ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ، وَأَكْلُ الرِّبَا، وَأَكْلُ مَالِ الْيَتِيمِ، وَالتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْفُ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ الْغَافِلَاتِ» [صحيح البخاري، كتاب الحدود، باب رمي المحصنات]، والعمل في البنوك الربوية محرم بأشكاله وأنواعه كلها، سواءً كان العامل محاسباً، أم كاتباًً، أم مديراً، أم غير ذلك، وقد حرم مجلس الإفتاء الأعلى في فلسطين ذلك في قراره رقم: (184)، للحديث الوارد عن جابر، رضي الله عنه، قال: «لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، آكِلَ الرِّبَا، وَمُؤْكِلَهُ، وَكَاتِبَهُ، وَشَاهِدَيْهِ، وَقَالَ هُمْ سَوَاءٌ» [صحيح مسلم، كتاب المساقاة، باب لعن آكل الربا ومؤكله]، والعمل في البنوك الربوية يعتبر من باب التعاون على الإثم والعدوان مع هذه البنوك التي تتعامل بالربا، والله تعالى يقول: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ﴾ [المائدة: 2].
وعليه؛ فبما أنك تعمل في بنك يتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، ويملك هيئة رقابة شرعية معتبرة، فننصحك بالاستمرار فيه، وقليل حلال خير من كثير حرام، ومن ترك شيئاً يبتغي به رضا الله عوضه الله خيراً منه، قال تعالى: ﴿وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا*وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا﴾ [الطلاق: 2-3]، والله تعالى أعلم.))

والمال الحرام ومنه المال المسروق وأجرة العامل في الربا، يجب أن يرد إلى صاحبه، ولا يحل هذا المال للورثة، قال تعالى: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ﴾[البقرة: 188]، فإذا لم يعرف صاحب المال المسروق، فينفق في مصالح المسلمين العامة، وعلى الفقراء والمحتاجين وهر الراجح من قولي العلماء،

فمن اكتسب مالاً بطريق محرم، كأجرة الغناء والرشوة والكهانة وشهادة الزور، والأجرة على كتابة الربا، ونحو ذلك من الأعمال المحرمة، ثم تاب إلى الله تعالى وندم على ما فعل، فإن كان قد أنفق المال، فلا شيء عليه، وإن كان المال في يده، فيلزمه التخلص منه بإنفاقه في وجوه الخير، وإذا كان محتاجا فإنه يأخذ منه قدر الحاجة، ويتخلص من الباقي.

قال ابن القيم رحمه الله: "إذا عاوض غيره معاوضة محرمة وقبض العوض ، كالزانية والمغني وبائع الخمر وشاهد الزور ونحوهم ثم تاب والعوض بيده . فقالت طائفة: يرده إلى مالكه؛ إذ هو عين ماله ولم يقبضه بإذن الشارع ولا حصل لربه في مقابلته نفع مباح.

وقالت طائفة: بل توبته بالتصدق به ولا يدفعه إلى من أخذه منه، وهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية وهو أصوب القولين ... ". انتهى من "مدارج السالكين" (1/389).

هذا وعلى الابنة الكريمة الالتزام بالحكم للشرعي وعلى الزوج أن يبين لها هذا الحكم ويدعوها للالتزام به فإن أصرت على أخذ المال الحرام فلا يأخذ منه شيئا وإثمها عليها.

 

والله يقول الحق وهو يهدي السبيل

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة

أوقات الصلاة

التوقيت المحلي GMT+3، وبالاعتماد على توقيت رابطة العالم الاسلامي.

الفجر

الظهر

العصر

المغرب

العشاء