سؤال
رقم مرجعي: 151174 | القرآن والتفسير | 4 مايو، 2023
حكم قراءة القرآن مع شرود الذهن ودون التزام بأحكام التجويد
السلام عليكم ماحكم قرأة القرآن وانا شارد أو افكر هل يقلل من الأجر مع العلم اني احاول جاهدة أن التدبر ..وماحكم قرأة القرآن دون تجويد قرأة عادية
إجابة
إن المرء يؤجر على قراءة القرآن الكريم سواء أكان بتدبر أم بغير تدبر، لعموم قول النبي عليه الصلاة والسلام، "مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لَا أَقُولُ الم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلَامٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ"
ومما لا شك فيه أن التدبر أكثر مثوبة عند الله تعالى، فقد قال سبحانه: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً)، أي: أفلا يتأملون معانيه ومبانيه. والتدبر: التأمل والنظر في أدبار الأمر، وما يؤول إليه في عاقبته. ثم استعمل في كل تأمل. والتفكر: تصرف القلب بالنظر في الدلائل، والتدبر هو وسيلة فهم القرآن الكريم، فبه يتم تأمل معانيه وتبصر ما فيه، وهو يورث الفهم والخشية والخشوع، قال تعالى: كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ {صّ:29}
قال ابن القيم رحمه الله في مفتاح دار السعادة ومنشور ولاية العلم والإرادة (1/ 187)
" وَبِالْجُمْلَةِ فَلَا شَيْء أَنْفَع للقلب من قِرَاءَة الْقُرْآن بالتدبر والتفكر فَإِنَّهُ جَامع لجَمِيع منَازِل السائرين واحوال العاملين ومقامات العارفين وَهُوَ الَّذِي يُورث الْمحبَّة والشوق وَالْخَوْف والرجاء والانابة والتوكل وَالرِّضَا والتفويض وَالشُّكْر وَالصَّبْر وَسَائِر الاحوال الَّتِي بهَا حَيَاة الْقلب وكماله وَكَذَلِكَ يزْجر عَن جَمِيع الصِّفَات والافعال المذمومة وَالَّتِي بهَا فَسَاد الْقلب وهلاكه فَلَو علم النَّاس مَا فِي قِرَاءَة الْقُرْآن بالتدبر لاشتغلوا بهَا عَن كل مَا سواهَا فَإِذا قَرَأَهُ بتفكر حَتَّى مر بِآيَة وَهُوَ مُحْتَاجا إِلَيْهَا فِي شِفَاء قلبه كررها وَلَو مائَة مرّة وَلَو لَيْلَة فقراءة آيَة بتفكر وتفهم خير من قِرَاءَة ختمة بِغَيْر تدبر وتفهم وأنفع للقلب وأدعى الى حُصُول الايمان وذوق حلاوة الْقُرْآن وَهَذِه كَانَت عَادَة السّلف يردد احدهم الآية الى الصَّباح وَقد ثَبت عَن النَّبِي انه قَامَ بِآيَة يُرَدِّدهَا حَتَّى الصَّباح وَهِي قَوْله {إِن تُعَذبهُمْ فَإِنَّهُم عِبَادك وَإِن تغْفر لَهُم فَإنَّك أَنْت الْعَزِيز الْحَكِيم} فقراءة الْقُرْآن بالتفكر هِيَ اصل صَلَاح الْقلب وَلِهَذَا قَالَ ابْن مَسْعُود لاتهذوا الْقُرْآن هَذَا الشّعْر وَلَا تنثروه نثر الدقل وقفُوا عِنْد عجائبه وحركوا بِهِ الْقُلُوب لَا يكن هم احدكم آخر السُّورَة وروى ابو ايوب عَن ابي جَمْرَة قَالَ قلت لِابْنِ عَبَّاس اني سريع الْقِرَاءَة إِنِّي اقرا الْقُرْآن فِي ثَلَاث قَالَ لَان اقْرَأ سُورَة من الْقُرْآن فِي لَيْلَة فأتدبرها وأرتلها احب الي من ان اقْرَأ الْقُرْآن كَمَا تقْرَأ"
وخلاصة الأمر لا يكون عدم التدبر حاجزا وحائلا للمرء عن قراءة القرآن، ولكن إن أمكنه استجماع الذهن والجمع بين اللسان والقلب، فإن ذلك أفضل وأثوب.
أما قراءة القرآن من غير أحكام فجائز إذا لم يترتب على تركها لحن جلي يتعلق بتغيير الحروف والنطق بها.
والأولى والأنفع في هذا أيضا تلاوة القرآن مع الأحكام؛ لأن التجويد يحسن الأداء ويساعد على الخشوع والتدبر، وقد صح عنه عليه السلام أن الماهر بالقرآن مع السفرة الكرام البررة، والذي يقرأ القرآن وهو عليه شاق ويتعتع فيه له أجران.
ويمكن لمن أراد التعجل أن يقرأ بالحدر من غير إطالة وتحقيق.