سؤال
رقم مرجعي: 360054 | مسائل متفرقة | 29 يناير، 2020
ما حكم من وجد قطعا أثرية في منزله أو أرضه ؟ ما حكم المتاجرة بالآثار؟
ما حكم من وجد قطع أثرية في منزله أو أرضه ؟ ما حكم المتاجرة بالآثار؟
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن التنقيب عن الآثار وبيعها لا يجوز شرعا، لأنها من الأملاك العامة لمجموع الشعب، وقد درس مجلس الإفتاء الأعلى هذه المسألة، وخرج بالقرار
الرقم: 5/2011/189 قرار 1 / 85 بتاريخ 2011/1/13م حول التنقيب عن الآثار وبيعها، جاء فيه:
((السؤال: ما الحكم الشرعي في التنقيب عن الآثار وبيعها وبخاصة ما له علاقة بديننا وتراثنا؟
الجواب: الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله، وآله وأصحابه وبعد:
فإن الآثار من الموجودات المادية لأي شعب من الشعوب تحتل مكانة مميزة، تستوجب المحافظة عليها، والإقبال على دراستها باعتبارها منجزاً حضارياً يعبر عن هوية الأمة وتاريخها، وهي بالنسبة للشعب الفلسطيني مفصل مركزي في معركة وجوده وبقائه في وطنه وعلى أرض أجداده، بل هي ميدان صراع مستديم مع من أخذ أرضه، وشرد أبناءه، ونهب ثرواته، وشوه هويته، مستمداً شرعية وجوده من حكايات وأساطير وأخيلة، حاول بشتى الطرق غرسها في الوعي الجماعي العالمي، وسعى جاهداً لإيجاد شواهد مادية حية، أو أدلة أثرية معمارية تثبت صحة الأساطير ومصداقيتها، ولكن دون جدوى.
ومن المؤكد أن التنقيب عن الآثار بصورته العشوائية، وغير القانونية، وما ينجم عنه من تخريب للمواقع الأثرية وتدميرها، يلحق أفدح الأضرار بماضي الأمة وحاضرها ومستقبلها، ولقد صدق من قال: " إن من يطلق مسدسه على الماضي، فكأنه يطلق مدفعاً على المستقبل"، وبذلك تصبح الأمة بلا ماضٍ ولا حاضر ولا مستقبل، كما أن الاتجار بالآثار وتسريبها إلى جهات معادية، وبخاصة ما يتعلق منها بالدين والتراث، فهو بمثابة نهب للذات، وسرقة لتاريخ الأمة، وتفريط يصل إلى مرتبة الجريمة والخيانة بالمقدرات الثقافية والتراثية لأبناء شعبنا الفلسطيني بخاصة، وأمتنا العربية والإسلامية بعامة.
ومن هنا فإن مجلس الإفتاء الأعلى يرى أن الحكم الشرعي في التنقيب غير القانوني عن الآثار، والاتجار بها هو التحريم، وتتأكد الحرمة إذا بيعت هذه الآثار أو هُربت لجهات معادية، ويتوجب على كل من يعثر على أية آثار متصلة بتراث الأمة وحضارتها أن يسلمها إلى جهات الاختصاص في الدولة، ويرى أن من حقه أن يحصل على مكافأة مجزية، وذلك لأمانته والتزامه بمسؤولياته الوطنية، وينصح الجهات المسؤولة أن تُضمن قوانينها وتشريعاتها بعض الحوافز والتشجيعات للحيلولة دون تسريب الآثار وتهريبها، وأن تقوم بجهود حثيثة لإشاعة ثقافة الحفاظ على الموروث التراثي، واستغلاله فيما يعود بالنفع على الأمة.
ولا يتعارض هذا مع الأحكام الشرعية الخاصة بالركاز أو الكنز، فقد ورد عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قوله: " وفي الركاز الخُمس " ( صحيح البخاري، كتاب الزكاة، باب في الركاز الخمس)، وهذا مشروط بكون الركاز في أرض مملوكة لمن يعثر عليه، وأن يأخذ الإذن بالتنقيب عنه من السلطات المختصة وبإشرافها، لتفادي أي ضرر قد يلحق بالموقع الأثري جراء سوء التنقيب والجهل به.))
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل