سؤال
رقم مرجعي: 452328 | المعاملات المالية المعاصرة | 9 مارس، 2025
حكم التورق الذي يجريه البنك الإسلامي جبرا لإعادة جدولة ديون بزيادة عليها.
بسم الله الرحمن الرحيم أود أن أحييكم بتحية الإسلام العظيم" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته"، وأسأل الله أن يحفظكم ويبارك فيكم. أنا المواطن فادي صالح شتيوي وزوجتي زينة سمير شتيوي، نعيش في مدينة طولكرم ونعمل في القطاع الحكومي. كنا قد تقدمنا بطلب للحصول على قرض "استصناع" من البنك الإسلامي العربي لتمويل بناء منزل مستقل، وقد تمت الموافقة على القرض بناءً على خطة متفق عليها مع البنك والمقاول. وقد قام البنك مشكوراً بتسديد كافة الدفعات المستحقة، حيث كانت تُودع مباشرة في حساب المقاول بعد إتمام كل مرحلة من مراحل البناء وفقاً للاتفاق المسبق مع المقاول وبإشراف البنك. لقد التزمنا بتسديد جميع الالتزامات المالية المستحقة للبنك حتى شهر تشرين ثاني من العام 2021، وهو آخر شهر استلمنا فيه رواتبنا كاملة. ولكن بسبب تعثر الحكومات في دفع الرواتب كاملة في موعدها المحدد، تراكمت علينا ديون للبنك الإسلامي العربي بقيمة (34,016) شيقل حتى تاريخ 19.2.2025. تلقيت مؤخراً رسالة من البنك تطلب مني التواصل معهم من أجل تسوية الدين المتراكم، إما بتسديد مبلغ الدين كاملاً، وهو أمر غير ممكن، أو بتقسيط الدين على الدفعات التي ستستحق لاحقاً، وهو أيضاً غير قابل للتنفيذ نظراً لأن قيمة القسط الشهري المستحق يقارب 50% من دخلنا العائلي، وهو ما يتعارض مع تعليمات سلطة النقد التي تحظر أخذ أكثر من 50% من الدخل. لذلك، كان الحل الوحيد والاجباري المقترح من البنك هو تأجيل الدفعات إلى ما بعد انتهاء فترة التسديد الحالية. وبعد مناقشة التفاصيل مع البنك، أخبروني أنه سيتم إضافة مبلغ مرابحتين على المبلغ المتسحق والغير مسدد: الأولى مرابحة على الدين المستحق بسبب تأجيل الدفع الى ما بعد انتهاء فترة العقد السابق، حيث تبلغ قيمة المرابحة الأولى (3,154.3) شيقل ، بالإضافة إلى مرابحة ثانية نتيجة إعادة تقسيط المبلغ المستحق لما بعد انتهاء المرحلة الأولى من التسديد بمقدار (446.3) شيقل. ليصبح المبلغ النهائي المطلوب للتسديد حوالي (37,617.21) شيقل بدلاً من (34,016) شيقل، تحت مسمى "التورق". سؤالي هو: ما حكم هذا الإجراء من الناحية الشرعية؟ وهل يعتبر المبلغ الذي سيضيفه البنك الإسلامي العربي زيادة بسبب تأخر السداد نتيجة عدم استلامنا للرواتب كاملة من الحكومة ربا؟ علماً أن لدينا دين في ذمة الحكومة يقدر بحوالي (95000)شيقل يغطي الدين المستحق بالاضافة إلى زيادة تقدر بحوالي (60,000) شيقل. بارك الله فيكم ونفع بعلمكم. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. أخوكم: أ. فادي شتيوي 0598933584
إجابة
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن بيع التورق هو أن يشتري الشخص سلعة نسيئة ( أي مع تأجيل الثمن إلى قسط أو أقساط) ثم يبيعها نقداً لغير البائع بأقل مما اشتراها به؛ ليحصل بذلك على النقد، وهو مأخوذ من الورِق وهو الفضة؛ لأن الذي اشترى السلعة في هذه الحالة إنما اشتراها من أجل الدراهم، والتورق مباح عند جمهور الفقهاء؛ لأنه لم يظهر فيه قصد الربا ولا صورته، [كشاف القناع: 3/186]، ودليلهم قول الله تعالى: ﴿وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا...﴾ [البقرة: 275]، يقول الشيخ ابن باز رحمه الله: "وأما مسألة التورق فليست من الربا، والصحيح حِلُها، لعموم الأدلة، ولما فيها من التفريج، والتيسير، وقضاء الحاجة الحاضرة، أما من باعها إلى من اشتراها منه، فهذا لا يجوز، بل هو من أعمال الربا، الذي يطلق عليه مسمى بيع العينة، وهو محرم؛ لما فيه من تحايل على الربا" [مجموع فتاوى ابن باز: 19/245].
والتورق أنواع منها الآتي:
النوع الأول: التورق الحقيقي وهو أن يحتاج شخص النقد فيشتري سلعة من البنك بثمن مؤجل ثم يبيعها إلى غير البنك نقداً، وهذا جائز بشروط:
1- أن يمتلك البنك السلعة ويقبضها قبل بيعها.
2- أن يقبض الزبون السلعة قبضاً معتبراً شرعاً.
3- ألا يبيعها لمن اشتراها منه، وألا يكون هناك تواطؤ بينهما؛ لأن ذلك يعد من باب العينة المحرم شرعاً.
والنوع الآخر: هو التورق المنظم، وهو شراء السلعة من البنك لأجل مع توكيله ببيعها قبل قبضها، ويعد هذا النوع محرماً، لما فيه من حيلة على الربا، للحديث عن حكيم بن حزام، رضي الله عنه، قال: «قلت: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنِّي أَشْتَرِي بُيُوعاً، فَمَا يَحِلُّ لِي مِنْهَا، وَمَا يُحَرَّمُ عَلَيَّ قَالَ: فَإِذَا اشْتَرَيْتَ بَيْعًا، فَلاَ تَبِعْهُ حَتَّى تَقْبِضَهُ» [مسند أحمد، مسند المكيين، مسند حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه و سلم، وقال الأرناؤوط: صحيح لغيره].
وعليه؛ فالتورق من النوع الأول هو بيع صحيح مستكمل أركانه، وشروطه جميعها، ومنتفية منه موانع فساده، أو بطلانه، وبهذا صدر قرار مجلس الإفتاء الأعلى 276/2016/11 بتاريخ 27/10/2016. والله تعالى أعلم.
مع العلم بأن معظم شروط التورق الجائز لا تتوافر في التورّق الذي تجريه البنوك الإسلامية اليوم، ولذلك لا يجوز الحصول على سيولة نقدية بهذا الطريق. وتشتد الحرمة إذا استُعملَ التورّق في تأجيل أقساط مع زيادتها على المدين بها. لما في ذلك من تحايل صوري على ربا "أنظرني وأزدك" المجمع على تحريمه. كما أن الأصل في التورق أنه بيع رضائي، ولا يجوز إجبار العميل عليه ولو بشكل غير مباشر من خلال الحجز على راتبه، وبخاصة في حالات العسر المالي لظرف عام.
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل