ادعم فتوى، تبرع الآن

سؤال

رقم مرجعي: 949465 | قضايا الأسرة و الزواج | 12 مارس، 2019

هل يجوز الزواج بالمرأة اليهودية رغم احتلال قومها لبلادنا؟ وهل من شروط وضوابط لهذا الزواج إن كان جائزا؟

هل يجوز الزواج بالمرأة اليهودية رغم احتلال قومها لبلادنا؟ وهل من شروط وضوابط لهذا الزواج إن كان جائزا؟

إجابة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الخلق سيدنا محمد الأمين، وعلى آله وصحبه أجمعين، وبعد؛

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

بالإشارة إلى سؤالك المثبت نصه أعلاه، فإن الزواج و سيلة من وسائل الحفاظ على الأسرة والنوع الإنساني، وهو معين على حفظ الفرج وغض البصر، والعلاقات الأسرية تشكل آية من آيات الله الذي كفل الأسرة بالرحمة والسكينة والمودة، يقول تعالى: (( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً ۚ إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (21) )) ( سورة الروم) و قد حث الشرع الحنيف على حسن اختيار الزوجين ودعا إلى نكاح المرأة ذات الخلق والدين، وإن اجتمع مع ذلك الجمال والمال والحسب والنسب كلها أو بعضها فهو أمر حسن، لكن إن اجتمع كل ذلك من غير الدين كانت المرأة وبالا على زوجها وسبب خسرانه وطغيانها و رداءة طبعها.

وزواج المسلم من المرأة الكتابية - اليهودية والنصرانية - خلاف الأولى وترك للأفضل، ولكنه جائز بشروط، ، و هي أن تكون المرأة كتابية على الحقيقة و ليست بدون دين، وأن تكون عفيفة محصنة، و اشترط بعض العلماء أن لا تكون محاربة للمسلمين، وقد نص على ذلك قرار مجلس الإفتاء الأعلى رقم 4/50 حول حكم زواج المسلم من الأجنبيات في ظل الظروف الحالية، وجاء فيه : (( إذا كان المقصود من السؤال الأجنبيات من غير أهل الكتاب فهذا لا يجوز ولا يحل وذلك عملاً بقول الله تبارك وتعالى : ﴿ وَلَا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ حَتَّى يُؤْمِنَّ وَلَأَمَةٌ مُؤْمِنَةٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكَةٍ وَلَوْ أَعْجَبَتْكُمْ وَلَا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا وَلَعَبْدٌ مُؤْمِنٌ خَيْرٌ مِنْ مُشْرِكٍ وَلَوْ أَعْجَبَكُمْ  ( البقرة: 221).

        أما الكتابية فهي فقط النصرانية أو اليهودية، بدليل قوله تبارك وتعالى ( ٱلْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ ٱلطَّيِّبَٰتُ ، وَطَعَامُ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلٌّ لَّهُمْ ، وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلْمُؤْمِنَٰتِ وَٱلْمُحْصَنَٰتُ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكُمْ ) ( المائدة: 5).

        فالزواج من الكتابية ( نصرانية أو يهودية ) العفيفة الطاهرة جائز بنص القرآن الكريم شريطة أن يكون الأولاد ( ذكوراً وإناثاً ) مسلمين أي أن يلحق الأولاد دين أبيهم المسلم.

غير أنه يكره زواج المسلم من اليهودية في أيامنا هذه _ سيما في فلسطين _  ويلزم المسلم أن يبتعد عن الزواج منها للمحاذير الشرعية الآتية:

  • الأول: كون الشعب الفلسطيني يعيش مع اليهود حالة حرب، والفتيات اليهوديات ينخرطن في سلك الجندية، ويقاتلن جنباً إلى جنب مع الرجال اليهود، فعلى هذا هي مُحارِبة .
  • الثاني : إن القانون عند اليهود يلحق الذرية بالأم لا بالأب، وعليه فالذرية وفق القانون الإسرائيلي تتبع للأم لا للأب، فإن ابن اليهودية يهودي بغض النظر عن دين أبيه.
  • الثالث: إن الطرف الأقوى في ظروفنا الحالية هم اليهود لا الفلسطينيون ( المسلمون ) وعليه فلربما يجنح الأبناء والبنات إلى أمهم، ويميلون إليها، بل ربما يعتنقون دينها، وهذه خطورة كبيرة على عقيدة التوحيد وأهل الإيمان ولا يرتضيها الشرع بحال.

كما أن أي خلاف ينشب بين الزوجين ستكون الغلبة فيه للمرأة اليهودية بحكم قوة وسلطة وسيطرة اليهود على الفلسطينيين.

وعليه فإن الزواج المشروع من الكتابية أن تكون محصنة عفيفة وغير محاربة، مع مراعاة توجيه الزوجة ودعوتها إلى الإيمان بين الفينة والأخرى، وكلما سنحت الفرصة، إضافة إلى ضرورة العناية بالأبناء والمحافظة عليهم مسلمين مؤمنين، كي لا يتعرض دينهم وتتعرض عقيدتهم لخطر الشرك والكفر.

هذا وقد كره الزواج من الكتابيات عدد من الأئمة والمجتهدين، كالإمام مالك - رحمه الله - حيث قال في مدونته الشهيرة 4/156: ( أكره نكاح أهل الذمة وما أحرمه ).

وكذلك الإمام الشافعي - رحمه الله - حيث قال: ( أحبَّ إليَّ لو لم ينكحهن مسلم ).

وسلفهم في ذلك قول أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، حيث كان يأمر بالتنزه عنهن من غير أن يحرمهن. ( انظر فتح الباري: 9/417).

وإنما كره الفاروق أمير المؤمنين عمر بن الخطاب وبعض الصحابة كالصحابي عبد الله بن عباس رضي الله عنهم أجمعين الزواج من الكتابيات لثلاثة أمور:

- الأول: خشية الفتنة على الأولاد في دينهم؛ لأنهم بطبعهم يميلون للأم أكثر.

- الثاني: الخشية على الزوج نفسه سيما إذا كان ضعيف الشخصية أو ضعيف الدين.

- الثالث: لئلا توجد العنوسة في صفوف المسلمات مما يشكل خطراً على خلقهن ودينهن، فيؤدي إلى فساد في المجتمع المسلم، وعلى العموم فالزواج من المسلمة هو الأولى والأفضل، والله تعالى أعلم.

أما فيما يتعلق بالزواج من الفتاة الكنسية فله الحكم نفسه، بل يحسن بالمسلم أن يبتعد عن هذا الزواج أكثر من ابتعاده عن الزواج من الكتابية العادية، لأن الكنسية قد يكون مجال التأثير من قبلها على الأبناء أكثر وأكبر.

أما زواج المسلمة من النصراني ( الكنسي أو غير الكنسي ) فلا يجوز باتفاق، ولا يحل قولاً واحداً للنص القرآني المحرم لذلك } لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ {  ( الممتحنة: 10).

هذا وينصح مجلس الفتوى الأعلى كل من يطّلع على هذه الفتوى العمل بها، وعدم العدول عنها لما للوضع الراهن من حساسية وأن يتعظ مما جرى مع الذين سبق لهم أن تزوجوا من غير المسلمات. هذا وبالله التوفيق))

و الله يقول الحق وهو يهدي السبيل

 

لديك سؤال؟

أرسل سؤالك الآن

فتاوى مشابهة