سؤال
رقم مرجعي: 178808 | المعاملات المالية المعاصرة | 24 يوليو، 2023
حكم اشتراط إنجاز حد أدنى من الاستطلاعات لاستحقاق الأجر
لقد ذكرتم في فتوى سابقة عن حكم العمل بموقع يوجوف لأداء استطلاعات الرأي ، وقد ذكرتم أنه يجوز العمل به بشروط ، وفي الحقيقة ان الموقع يلتزم بهذه الشروط ماعدا شرط واحد الذي هو : عدم جعل الأجر على أداء عدد معين من الاستطلاعات ، انما يجب ان يكون الأجر على كل استطلاع والا يدخل في باب الغرر المحرم شرعا لأن الموقع ينتفع بكل استطلاع . وفي الحقيقة اني لا أجد أي علاقة بين الغرر المحرم شرعا وبجعل الأجر على عدد معين من الإستطلاعات حتى اذا كان الموقع ينتفع بكل استطلاع ، لأن الغرر مثل القمار والمخاطرة بالمال وماشابه بل يقوم الموقع بتأجيل الأجر حتى الوصول للحد الأدنى لسحب الأجر علما بأن أي نظام لسحب المال له حد أدنى أرجو الرد على حكم وجوب هذا الشرط الذي ذكرتمونه في الفتوى وشكرا
إجابة
الغرر هو خطر أن ينتفع أحد الطرفين المتعاقدين من الطرف الآخر، ولا ينتفع الطرف الآخر، بل يضيع ماله أو جهده. وهذا حاصل في حال قيام الأجير بإنجاز عدد من الاستطلاعات دون الحد الأدنى المحدد لها، لسبب أو لآخر، أو لأي مانع منعه من إتمام الحد الأدنى، وهو ما يؤدي لحرمانه من العائد على الجزء الذي أنجزه، مع أن الطرف الآخر انتفع بالعدد الذي تم إنجازه. فكأن الطرف الآخر يراهن على وجود ظروف يمكن أن تمنع من إتمام الحد الأدنى، لينتفع بما تم إنجازه، دون أن يتحمل أي مقابل لذلك. ولذلك وضع شرط الحد الأدنى، مع أنه ليس له مصلحة في هذا الحد الأدنى سوى احتمال أن يستفيد دون أن يدفع. وبالمنطق والعدل، إذا كان يستفيد من كل استطلاع، فلماذا يضع شرط الحد الأدنى الذي يمكنه من أن ينعم بهذه الاستفادة دون مقابل؟ ففي ذلك أكل لمال الآخرين وجهدهم بالباطل. وتخيّل معي لو أنني ذهبت لميكانيكي ليصلح لي عشر سيارات، وشرطت عليه أنه لا أجر له إلا بإتمام إصلاح العشرة، فأصلح لي تسعة ولم يستطع إصلاح العاشرة، لسبب أو لآخر، وانتفعت أنا من إصلاحه للتسعة السيارات، فهل من العدل أن لا يأخذ مقابل ذلك شيئًا؟ مع أن مالك السيارات انتفع من ذلك أيّما انتفاع؟ والشرط ابتداء قُصِد به هذا الوجه من الغرر والظلم في المآل. ولذلك منعناه. وهذا الفقه العميق للمسألة مما نص عليه فقهاء المالكية ونبهوا عليه، والفقه يُسلّمُ لأهله المتعمقين في فهمه، وفهم دوافع الناس في شروطهم وتعاملاتهم المالية.